ليس ضروريا لكي تكون تحت أضواء الاعلام العالمي، ان تأتي بأعمال خارقة ومبهرة ، وبلغة الدين أن تأتي بآيات وأعاجيب . المهم ان تعيش حياتك، وإن تطلب الأمر ان تكون مخفيا ومتواريا عن جماهير البشر .
وقد سمعت يوما قصيدة لشاعر انجليزي يفوتني اسمه ، يقول : " لكي تكون شخصا ما يشار اليه بالبنان ، عليك ان تقبل أن تكون طيّ الكتمان". To be somebody , you have to accept to be nobody”
هذا الاسبوع كان "نجم" الاعلام العالمي ، وبالاخص الارووبي والديني ، هو "فينيسيو ريفا" ذو الثالثة والخمسين عاما ، وهو شخص مغطى جسمه بأورام عصبية بارزة وكبيرة . الا انه التقى بالبابا فرنسيس، فأحدث تغييرا في حياته . لم يكن يظن ، في اختراقه لصفوف عشرات الالوف قبل اسبوع، ان البابا سيبصره وسط الزحام ويسلم عليه ويقبله ويحضنه . وهو الذي قال في حديث لاحدى الصحف الالمانية ، كم تألمت في حياتي ، منذ فترة المراهقة ، لانّ الناس كانوا ينظرون اليّ بعين الريبة والخوف ، بسبب ما أعانيه.
وريفا يعاني من مرض وراثي نادر غير معدي، يعرف باسم الورم لعصبي الليفي النوع الأول. كان متواجداً في ساحة القديس بطرس مع العديد من الأشخاص للاحتفال بمرور 110 أعوام على تأسيس جمعية UNITALSI (وهي جمعية كاثوليكية ايطالية تعنى بالمرضى). وكما ذكرت وسائل الاعلام التي تهافتت على أخذ مقابلات مع فينيسيو ريفا، بعدما جذبه البابا فرنسيس إليه لمعانقته وتقبيل وجهه، قال: "فقدت القدرة على النطق، انتابتني مشاعر جياشة، رغم أن الأمر لم يستغرق أكثر من دقيقة لكنها بدت أبدية". مضيفاً "شعرت كما لو كنت في الفردوس".
وأضاف في أحاديثه: "ما أدهشني هو أنّ البابا لم يتردد في معانقتي، ما أعاني منه ليس معدياً، لكنه لم يكن على علم بذلك، ورغم ذلك فعل ما فعله، وعندما حنا رأسي على صدره، انتابتني فقط مشاعر الحب".
وبعد، فبدون شك ، ان روحا جديدة هبت في العالم بسبب البابا فرنسيس ، بقربه من الأطفال والضعفاء والفقراء والمهلمين والمهمّشين . وقد أحدث تغييرا واضحا في الكنيسة ، وكذلك في وسائل الاعلام في تعاملها مع الشؤون الكنسية ، فلم تعد في صف العداء والتجافي، وانما في صف الرجاء والتصافي .
فينيسيو ريفا ، واحد من الذين أصابتهم رياح فرنسيس الجديدة ، وقد التقطت له عدسات الاعلام صورا حديثة ، بعد اللقاء، وتبدو ابتسامة رائعة فوق شفتيه . كيف لا ، وقد التقى بمن أعاد اليه كرامته وانسانيته، والفى نفسه بلمح البصر في مركز متقدّم من التغطية الاعلامية. المحبّة تصنع العجائب.
خلاصة بقصة قصيرة : جاء أحد التلاميذ الى معلمه الحكيم ، سائلا متلهفا : كيف أستطيع أن أكون انسانا عظيما . فأجابه المعلم الحكيم : عليك ان تكون "انسانا" أولا، ومن ثم فتّش كيف تكون "عظيما" .