الجيش الجزائري نحو الاحترافية *د. بهلولي أبوالفضل محمد
23-11-2013 01:02 PM
إن المؤسسة العسكرية الجزائرية اتخذت استراتيجية عامة من اجل تحقيق مشروع الاحترافية والعمل على تطوير الجيش الجزائري تماشياً والمتطلبات الدولية، خاصة أن جيوشاً على المستوى العالمي أصبحت تتشكل من وحدات قتالية محترفة أو ضمن العمل المحترف أو المهنة بهدف الوصول إلى نوعية في المستوى، إن ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية أضحت حتمية تفرضها الأوضاع الجديدة و التي كشفت عن اختفاء التهديدات الكلاسيكية و بروز أشكال جديدة من التهديدات مثل الإرهاب الجريمة المنظمة والمخدرات وهي كلها تهديدات ليست فورية أو سريعة ولا تحتاج مواجهتها لتوفير الدبابات بل إعادة تحديد جديد لمفهوم الأمن.
أولا: حياد مؤسسة العسكرية في مجال السياسي بداية الاحترافية:
إن دستور الجزائري لسنة 1963 كان يمنح للمؤسسة العسكرية حق التدخل في الجانب السياسي من خلال نص المادة بقولها: هذا وأن دستور 1976 هو اخر سار في نفس الاتجاه
لذلك فإن مشروع الاحترافية في الجيش الجزائري بدأ من خلال التصريح الذي أدلي به الفريق العماري لمجلة الجيش بقوله أن المؤسسة العسكرية ليست لها صلاحية صناعة الرؤساء وأن الجيش الوطني الشعبي خارج المنافسة الانتخابية أي أنه ليس له مترشح وأنه ليس ضد أي مترشح ويفسر ذلك أن المؤسسة العسكرية لم تعد تتدخل في المجالات السياسية وكانت هذه النقطة هي بداية الجيش الجزائري في الدخول في عالم الاحترافية خاصة أن دستور الجزائرمنذ 1998لم يعطي أي دور للجيش في المجال السياسي، وعدم تدخل الجيش في المجال السياسي يمكنه من العمل على احترافية ، وتؤكد ذلك فعلا من خلال حياد المؤسسة العسكرية في الانتخابات الرئاسية وإلغاء الانتخابات داخل الثكنات العسكرية وبالتالي أصبح المستخدم العسكري يصوت كباقي مستخدمي الأسلاك الأخرى وتدعم هذا بموجب التعليمة الصادرة من قيادة أركان الجيش الشعبي الوطني تخص تعامل موظفي الجيش والأمن والدرك وأعوان الحرس البلدي والمتعاملين في إطار الدفاع الذاتي تلزمه بالحياد التام في التعامل مع أجواء الانتخابات الرئاسية وحركة التصويت ،فبعد مساهمة الجيش الفعالة في إعادة البناء وتنمية البلاد غداة الاستقلال، شاركت المؤسسة العسكرية خلال التسعينات بشكل فعال طبقا لمهامها الدستورية في الحفاظ على وحدة التراب الوطني وإحلال الأمن والاستقرار، وبعد هذه المهمة يتفرغ الجيش الشعبي الوطني لمهامه المتعلقة بالأمن والدفاع .
•1- منع مستخدمي الجيش من نشاط سياسي
ومن أجل ذلك نص القانون الأساسي للجيش في المادة رقم 29 بمنع العسكري بالانخراط حزب سياسي أو جمعية أو جماعة ذات طابع نقابي أو ديني .
وأضافت المادة رقم 30 لا يمكن العسكري أن يرشح نفسه لأية وظيفة عمومية انتخابية .
بل المشرع شمل منع الممارسة السياسية حني بالنسبة للمدعوين للخدمة الوطنية أو الاحتياط أي بمعني منخرطين قبل التجنيد وحتي الشبهين بالعسكريين .
ثانيا: انفتاح ولاتصال يقربان الجيش من مواطن
بادرت المؤسسة العسكرية بالانفتاح من خلال المصالحة الوطنية وتقوية الروابط بين الجيش والشعب وإشراك المجتمع المدني في مجال الدفاع وتسيير الأزمات من خلال الاتصال المتماسك ومن أجل ذلك برمجت عدة أبواب مفتوحة على مختلف المدارس العسكرية وفي كل التراب الوطني بل أصبحت المؤسسة العسكرية وجهت الباحثين الجزائريين وانفتحت المؤسسة العسكرية على الطلبة الجامعات ومؤسسات الحركة الجمعوية ، إلى جانب تشبيب المستمر للإطارات الجيش الشعبي الوطني وجود رغبة وإرادة سياسية في تغيير الطاقم الأساسي لمؤسسة الجيش حيث ترقي ضباط لم يشاركوا في الحرب التحريرية إلى رتبة عمداء لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة وتقلدوا مناصب قيادية بل ظهر العنصر النسوي في المؤسسة العسكرية أين تقلدت لأول مرة امرأة رتبة جنرال على المستوى العربي والإفريقي ،
•1- قانون أساسي للجيش الشعبي الوطني :
ودعما لمشروع الاحترافية أصدر القانون الأساسي للجيش الجزائري والذي يعزز الاحترافية خاصة أن قانون الجيش لم يغير منذ تاريخ 1969 فكان لزاما وجود تعديلات مختلفة تتماشي والتطورات الأخيرة لذالك جاء قانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين أمر رقم 06-02 مؤرخ 28فبراير2006 ومن خلال 149 مادة ضبطت كل المسار المهني للمستخدم العسكري وحدد من خلاله واجبات أفراد المؤسسة العسكرية .
•1- تحديد السن القانوني للتقاعد :
نصت المادة 20 من الأمر رقم 06-02 :" تحدد الحدود المتعلقة بالسن ومدة الخدمات المطبقة على العسكريين العاملين كا لاتي : فريق، وبهذا تكون حددت السن القانونية للتقاعد لمن يتجاوزها ، عليه فإن كثير من مناصب المسؤولية أعيدت إلى الجيل الجديد من شباب المعاهد العسكرية مما يعني أن الجيش الوطني الشعبي دخل في مرحلة لإسناد المناصب إلى ضباط الجيل الجديد ،
•2- تكنلوجيا في الجيش الشعبي الوطني
وفي ذات السياق استعمل رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي اللواء قايد صالح لأول مرة في تاريخ المؤسسة العسكرية مصطلح الجيش التكنولوجي الذي من خلاله يبين على ضرورة السرعة في الاحترافية من خلال استعمال الوسائل التكنولوجية وأضاف يبقي الفرد يتبوأ المكان المركزي لأنه لدي القناعة الراسخة بأنه لا ثورة إلا ثورة الرجال ،وعرفت الحكومة الجزائرية ولأول مرة في تاريخها منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني ، في ذات السياق شرعت المؤسسة العسكرية الجزائرية في برنامج تمارين العسكرية في السواحل الجزائرية وأخرى أجنبية بهدف قياس القدرات القتالية ويدخل هذا ضمن التمارين المشتركة مع أكبر الجيوش العالمية مثل البحرية البريطانية ويهدف ذلك إلى السعي الجيش الجزائري للإطلاع على التكنولوجيا العسكرية الحديثة ورفع المستوى القتالي والتحكم في الإجراءات التكتيكية المعمول بها في القوات المتعددة الجنسيات ويكون ذلك عن طريق الاحتكاك بأكبر القوات العسكرية في العالم ، كما أن الحلف الأطلسي أقترح على قياد أركان الجيش الوطني الشعبي المشاركة في 200 تمرين عسكري بهدف تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات .
•3- تركيبة البشرية للجيش الشعبي الوطني
تتشكل التركيبة البشرية للجيش الجزائري من المتعاقدين لقترة زمنية معينة ويخص سلك جنود وصف الضباط ومن سلك العاملين من الضباط بالإضافة إلى خدمة الوطنية التي تقلصت مدتها إلى 18 شهر خاصة أن الشباب ينظرون إلى الجيش بمنظور إيجابي وهذا يرجع إلى مهمته الدفاعية ونظام مهني،
•4- تحويل مؤسسات العسكرية إلى قطاع صناعي :
كما أن المؤسسة العسكرية حولت بعض المؤسسات التابعة لها إلى وحدات اقتصادية ذات طابع صناعي وتجاري مثل مطبعة الجيش وتسمي بإعادة الهيكلة الصناعية ، وتوظف هذه المؤسسات الاقتصادية مدنيين يطلق عليهم مصطلح الشبيهين بالعسكريين ويخضعون إلى قانون الأساسي مستقل وخاص بهذه الفئة .
•5- تكوين في المؤسسة العسكرية :
ثالتا : التعاون العسكري مع الجيوش العالمية
وفي إطار التعاون العسكري أقامت الجزائر شراكة ثنائية متميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الدعم التقني وإعداد برنامج لتكوين الضباط جزائريين والاستفادة من قدرات الجيوش العصرية لدعم برنامج الاحترافية وتقتضي الإستراتيجية التي وضعتها كتابة الدولة للدفاع الأمريكية بتكوين وتأهيل وتدريب فرق عسكرية وقوات 5 دول افريقية رئيسية هي المغرب والجزائر وتونس عن المنطق الشمالية ،إلى جانب السنغال ونيجريا عن إفريقيا عن إفريقيا جنوب الصحراء ، ودعما لمسار الاحترافية اهتمت المؤسسة العسكرية بالمنظومة التربوية العسكرية مع تحديث الوسائل البيداغوجية ، ويعتبر التجنيد مرحلة أساسية في حيازة الموارد البشرية ومنه إن نجاح عملية عصرنة واحترافية الجيش يتوقف على نجاح مرحلة التجنيد وهنا لابد من انتقاء المترشحين يعني تجنيد مدروس للكفاءات وإعطاء الأهمية اللازمة لنوعية التكوين والمكونين كما أن التجنيد يرتبط كما وكيفا مباشرة بالمجهودات المبذولة لسيرها في أحسن الظروف على الصعيد المالي والتنظيمي وكذا ضرورة أحاطتها بإجراءات لضمان نتيجة جيدة .
وتتيح احترافية الجيش الوطني الشعبي للشباب الجزائري الحامل للشاهدات فرصا للتكوين داخل الوحدات عصرية مدعمة بأحد التكنولوجيات ، وتعتبر الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشر شال أكثر صرامة في مجال التجنيد مع توفير تكوين نوعي ، كما أنشئت مدرسة أشبال الأمة المتخصصة في تكوين التلاميذ ونخبة جديدة مستقبلية .
رابعا: الجيش الجزائري يرفض تسابق مدمر نحو التسلح
إن الجيش التكنولوجي يستعدي الحصول على تجهيزات لعصرن وتعزيز القدرات ونعني بذلك تقليص العدد لكن أحسن تجهيز الجيش بمعدات عصرية حتى يواكب التطورات الجديدة ، لأن الاحترافية الجيش تتميز بتقليص تعداد الجيوش ، وبالتالي لا يمكن اعتبار الجيش في كتلة معزولة ومنفردة مهما كانت نسبة استقلاليتها في تدخل في علاقات تبعا لأوضاع مختلفة مع المحيط الاجتماعي والسياسي وبالتالي يحظي الجيش بعلاقات جديدة مع المجتمع لأن المجتمع العسكري يتميز بالتجديد الدائم ذلك لأن الرجال والنساء الذين ينتمون اليه سيعودون حتما إلى الوسط المدني بعد مسار مهني طويل .
إن الخبرة التي اكتسبها الجيش الوطني الشعبي في مجال مكافحة الإرهاب خلال الأزمة الأمنية هي اليوم محل تقدير المجتمع الدولي وتعتبر مرجعية في مكافحة الإرهاب لذا لابد أن تكون احترافية الجيش مجال بحث لكل البحثين في مختلف المجالات العلمية المختلفة .
المراجع المعتمد عليها :
1/ أمر رقم 06/02 المؤرخ في 28 فبراير سنة 2006 يتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين الجريدة الرسمية رقم 12.