النشامى .. مفارقات بالتخصص
عمر كلاب
22-11-2013 11:25 AM
نجح المنتخب الوطني باستعادة بريقه وثقة الأردنيين فيه، بعد مباراته الأخيرة التي تعادل فيها مع منتخب الأوروغواي على أرض الأخير، رغم أنه خسر على ارضه خسارة ثقيلة أحبطت طموح وفرح جمهور عريض غازل أحلامه بالوصول الى البرازيل كأحد اعضاء المونديال العالمي .
عدم النجاح في الوصول ليس نهاية الدنيا، بل نحن سعداء في اعماقنا بحجم المسافة المقطوعة للوصول الى المونديال، وهي مسافة كانت بحد ذاتها طموحا واسعا لجمهور اعتاد أن يرى منتخبه يفرح بالمشاركة فقط، بل أنتجنا خلال تلك الحقبة شعار « الخسارة المشرّفة لتبرير مستوانا العادي.
ورغم عدم نجاحنا بتحقيق شعار « يلا عالبرازيل « إلا أننا لم نخرج من المولد دون حصاد جديد، وتأسيس قواعد ننفرد بها دون أصقاع الأرض، فكان الخروج من التصفيات درسا كونيا بامتياز.
فالنشامى نجحوا بتأسيس قاعدة غير مسبوقة في الكرة، ربما لأنهم أفسدو احتفالية شعبية في آن واحد، ورفعوا ضغط الجمهور على حد سواء، فالأصل أن يفرحوا جمهورا وأن يحزنوا آخرا، لكنهم كسروا القاعدة بامتياز، فقد أفسدوا فرحة جمهور عريض على الأرض الأردنية بالخسارة الثقيلة ورفعوا مستوى الضغط والسكري والأدرينالين لدى كل الأردنيين،بالمقابل نجحوا بتقديم نفس الجرعة ونفس الأعراض للجمهور الأوروغواني.
وأفسدو فرحة جمهور المنتخب المنافس بتحقيق منتخبهم فوزا عريضا على أرضهم وشهوة من نفس الكأس.
جمالية المنتخب تكمن بأنه قادر على دعم الفكرة ونقيضها مثل الساسة، وقادر أكثر على التحليق في الفضاء كما فعل الحارس الشطناوي على أرض الأوروغواي، وأن يترنح على الأرض بنفس المهارة في الفوز والخسارة بصرف النظر عن طموح الجمهور وأحلامه وآماله.
منتخب النشامى كسر قاعدة «الأرض تلعب مع أصحابها» وأثبت أنه قادر على أن يحزن جمهوره علناً ويفرحه سراً، فمعضم الأردنيين ناموا على وجع الخسارة السابقة وافتراض الخسارة التالية كما نام جمهور الأوروغواي على فرح الانتصار دون رؤيته بحكم فارق التوقيت مع عمان، واستيقضوا على متع التعادل في ملعبهم، أي أن المنتخب يحب أن يفرح الجماهير سرّاً لا علانية، مهارة المنتخب بإفساد فرحة الجماهير الأردنية والأوروغوانية يجب أن تعمم أو أن تدخل موسوعة غينيس بوصفها فرادة أردنية خالصة وأحد أبرز مفارقات كأس العالم في البرازيل، فكل المنتخبات افرحت جماهيرها على أرضها وأفرحت جماهير الخصوم على أرضهم إلا منتخبنا فقد نجح بإفساد فرحة الجمهورين على حد سواء.
مفارقة النشامى لن تتكرر -كما نتمنى عليهم- ولن تفسد فرحتنا بنجاحهم في الوصول الى هذه المرتبة الكونية الهائلة ولا أقل من تعويضها بالوصول إلى نهائي أمم آسيا، كي نستعيد جزءاً من الفرحة والأهم أنهم كسروا عقدة إضاعة النقاط خارج الديار كما فعلوا في تصفيات المجموعات في نهائيات كأس العالم، لأنهم لو نجحوا بتحقيق ولو بثلاث نقاط خارج أرضنا لكنا في البرازيل فعليا، وعليهم الاستفادة من التجربة على وعد النصر القادم -بإذن الله- وهذا لن يقلل من حبنا وفرحنا بهم.
خرجنا من التصفيات العالمية، ولكن لم نخرج من ذاكرة الناس ليس بالقواعد الجديدة التي انتجناها خلال المونديال وتصفياته، بل من خلال الوصول إلى آخر نقطة للوصول الى النهائي رغم الإمكانات المحدودة، وقطعنا مسافة عجزت دول تنفق على الكرة بحجم موازنتنا العامة عن قطعها، بل أضفنا إلى مواقع التواصل الاجتماعي مخزونا من الطرافة عكس عن بلدنا صورة جميلة.
الدستور