facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




كي لا يقال: الرجل المريض!


أ.د. أمل نصير
20-11-2013 01:16 PM

الرجل المريض- لمن لا يعرفه- اسم أطلقه قيصر روسيا نيكولاي الأول على الدولة العثمانية سنة 1853م بسسب ضعفها، فبعد أن كانت في أوج مجدها، تسيطر على بقاع كثيرة من العالم أصبحت تتهاوى نتيجة انشغال الحكام العثمانين بغير أمور الحكم، وبسبب الهزائم المتلاحقة الني ألحقها الأوروبيون بجيوشهم، وقوى الانكشارية؛ مما أدى إلى انتشار الضعف والتفكك في دولة الباب العالي، وحينها دعا إمبراطور روسيا آنذاك بريطانيا للاشتراك معه في اقتسام أملاك الدولة العثمانية، ثم شاع هذا الاسم بعد ذلك، واستعملته الدول الأوروبية الأخرى.

لم يكن حال الوطن العربي مثل الدولة العثمانية قبل ضعفها، لكن الأنظار اليوم باتت تحدق به أكثر من قبل لاسيما بعدما وفر ما يسمى بالربيع العربي البيئة المناسبة لاشتعال الأطماع الاستعمارية في المنطقة من جديد، وأحيانا بطلب من أهلها لتخليصهم مما يعانونه، سواء من جور حكامهم أو من الفوضى التي حلت بهم، فمن تونس بلد الربيع الأول الذي نجحت ثورته بأقل الخسائر البشرية، إلى ليبيا التي نهشتها الحرب، وما هي عليه الآن من تفسخ وفوضى وقبلية، ومصر التي تقترب شئيا فشئيا من عين العاصفة، إلى سوريا التي قطّعت الحرب أوصالها، وعمها الدمار، وتحوّل كثير من أهلها إلى لاجئين، إضافة إلى التهديد الخارجي لما تبقى منها، وانتشار قوى التطرف في أنحاء كثيرة منها إذ أصبح السوري اليوم لا يعرف ممن يحمي نفسه، ولا مَن هو معه أو عليه، وباتت الأزمة السورية تؤثر على دول الجوار، وتهدد السلم والأمن في المنطقة.

جميع هذه الدول وغيرها من دول العالم العربي مثل العراق واليمن تشهد أشكالا من عدم الاستقرار، وهي مهددة بالتدخل الخارجي المباشر أو غير المباشر، إضافة إلى التهديد الداخلي لأمنها نتيجة للصراع بين مكونات الوطن الواحد؛ وعدم قبول الآخر، وسياسات التهميش والإقصاء.

ولعل الجانب الأخطر فيما تعانيه أقطار الوطن العربي هو التقسيم، وكأن تقسيم سايكس بيكو وغيرها لم يعد كافيا، وهي مرشحة لموجة ثانية من تقسيم المقسم في اليمن وسوريا والعراق وغيرها بين شمال وجنوب وبين طوائف مختلفة.

قد يقول قائل إن حال الوطن العربي طبيعي في ظل ما حدث فيه من ثورات وتغييرات في السنوات الأخيرة، فأي دوله تحتاج إلى وقت لإعادة الأمن والاستقرار إليها بعد الثورة، ويضربون الأمثلة بأحداث التاريخ المختلفة لا سيما الثورة الفرنسية التي احتاجت قرابة القرن والنصف إلى أن استقرت.

لكن للوطن العربي خصوصية نتيجة لوجود عاملين أساسين هما: إسرائيل والنفط، فمصلحة إسرائيل ستبقي الثورات العربية موجهة لخدمتها، ولا مصلحة لها أكبر من بقاء العرب متناحرين، مدمرين لبنيتهم التحتية، ولمستقبلهم، فهي بهذا تبقيهم في غيبوبتهم وضعفهم لا يرون عدوا لهم سوى بعضهم بعضا، وينسون عدوتهم التقليدية، وفلسطين التي كانوا يدّعون أنها قضيتهم الأولى، وتصبح آخر اهتماماتهم وأولاياتهم.
أما المطامع في بترولهم، فسيجعل اهتمام العالم في الوطن العربي من منظور الرغبة في السيطرة عليه لتأمين تدفقه لدفع عجلة اقتصادهم، ورفاهية شعوبهم.

لن ينفع الحكام العرب، ولا ما يسمى بالمعارضة الحج إلى عتبات الغرب، ولا عقد مؤتمرات الأصدقاء وغيرهم، فالتطلع إلى أمريكا وروسيا وغيرهما لحل الأزمات السياسة التي تعصف بدول الربيع لن يفيدها في شيء، ولعل القضية الفلسطينية أقرب مثال على ذلك، إذ لم تحقق مؤتمرات السلام، والجولات المكوكية منذ عشرات السنين سوى أمن إسرائيل، وكذلك الأزمة السورية، فلم يعنيهم منها سوى الكيماوي الذي يمكن أن يهدد إسرائيل أيضا، أما الشعب السوري، فتُرك لمصيره يقتل بعضه بعضا.

لا بد من من اعتماد العرب على أنفسهم، والجنوح إلى السلم فيما بينهم، وتغليب المصالح الوطنية، ونكران الذات، والبدء برسم طريق يعبّدونها بهمتهم وتضحياتهم وتنازلاتهم لحل خلافاتهم، وإجراء حوار وطني حقيقي، ونقله من الساحات إلى القاعات، والتنبه إلى الأضرار التي تؤثر على اقتصادهم على المدى الطويل، والتنازل عن فكرة الغالب والمغلوب، فالثائرون الذي قدموا آلاف الأرواح في سبيل وطنهم يسهل عليهم تقديم بعض التنازلات طالما أنها ما زالت تنازلات في سبيل الوطن والشعب الذي يدفع الثمن في كل الأحوال والظروف!
والتعددية هي الأساس، والعقائدية المغلقة على نفسها أثبتت فشلها، فالوطن للجميع، وأي خلاف يجب أن يكون لأجله لا عليه. والنَفس التوافقي هو الأقرب للواقع المعاصر، ولا بد من إعادة النظر في مجمل العلاقات الداخلية بين مكونات المجتمع الواحد، ونبذ ثقافة التناحر أفعالا لا أقوالا، وإنهاء مسلسلات الفساد، والاحتكار، والطبقية التي كانت أحد أهم أسباب الثورات العربية، وإحلال العدالة الاجتماعية، واستغلال موارد الشعوب لغايات التنمية المستدامة، وإصلاح التعليم، والقضاء على الفقر والبطالة التي وصلت في في بعض دول العالم العربي مستويات غير مسبوقة إذ بلغت في مصر مثلا أكثر من 30 بالمئة .





  • 1 كاتب سطر 20-11-2013 | 01:41 PM

    ونستذكر الحديث الشريف :
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا ، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ " .

  • 2 من طالباتك 20-11-2013 | 07:43 PM

    احسنت دكتورتنا الغالية وبارك الله فيك ..........

  • 3 محمود الحياري 20-11-2013 | 08:16 PM

    نعتذر...

  • 4 الأثير عماد 21-11-2013 | 12:58 AM

    لنتساءل للحظة لم أصبح اسمه الرجل المريض ؟
    حتى يحكم الدين يكون رجل قوي . لآنه يستمد قوته من ربه المعطي القوة.
    رجل مريض لأنه تخلى عن ربه القوي .
    معادلة بسيطة وواضحة .

  • 5 حسن 26-11-2013 | 03:50 AM

    ما شا الله ما شا اله


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :