إن الناظر إلى أرقام موازنة 2014 وما فيها من تفاصيل يصل إلى قناعة بأن الحكومات مستمرة في معدلات الصرف على نفس النهج المعتاد !!! وبذلك فإن أية ضرائب تُفرض أو أي ارتفاع في الأسعار تحدثه الدولة يكون هدفه التوسع في الإنفاق لضمان مخصصات الرفاهية والفساد أحيانا قبل الأساسيات.
وبالأرقام فإن النفقات ستقفز عام 2014 بزيادة 920 مليون دينار عن النفقات الفعلية لعام 2013 !!! وإن الإيرادات ستقفز 774 منها 169 مليون زيادة في المنح المتوقعة لعام 2014 بمعنى أن الحكومة ستنفق الزيادة الحاصلة في المنح والزيادة الطبيعية في الإيرادات والتي تُقدر بـ 300 مليون دينار، وستُفرض ضرائب إضافية يتحملها المواطن بواقع 300 مليون لتأمين نفقات عام 2014 وأنها غير مستعدة لإعادة النظر في النفقات الإضافية والمكافآت والمياومات التي قد تحتاج إلى موازنة أخرى فلو حسبنا سفرات المسئولين وكلفها ومياومات وفواتير فنادق ومطاعم وسيارات وخلافه ومصاريف تحت بند أخرى لعرفنا أين تذهب هذه الضرائب والزيادة في الأسعار وكلف رفع الدعم .
ولا يظن ضان أن انخفاض النفقات عام 2013 الظاهر في أرقام إعادة التقدير والبالغ 279 مليون دينار هو توفير في النفقات الجارية أنه تأجيل لمشاريع رأسمالية لم يتم تنفيذها وبالتالي هي ليست توفير أبداً بل إن المشاريع المؤجلة تجاوزت 600 مليون دينار وبذلك فهناك نفقات إضافية تفوق 300 مليون دينار يتم تحميلها للموازنة.
وفي أرقام موازنة الوحدات المستقلة ، نجد أن الإيرادات تراجعت 253 مليون دينار عما هو مُقَدّرْ ظهرت في إعادة التقدير كتفاقم في عجز المؤسسات بواقع 138 مليون دينار وانخفضت النفقات 115 مليون دينار عما كان مقدراً في موازنة 2013 ، ولا أدري لماذا دائماً تتم المبالغة في تضخيم الإيرادات في الموازنة ؟! وهل هو من باب عدم الاعتراض على النفقات والتدقيق عليها من اللجنة المالية في مجلس النواب؟أم لرصد مخصصات للاعتداء عليها عند غياب الرقابة؟؟، وبذلك فإن الانحرافات دائماً تأتي لصالح تقديرات جزافية للإيرادات ، فما معنى أن يكون الانحراف 55% زيادة على الإيراد الحقيقي على موازنة هذه المؤسسات؟؟ ، كما أن توقعات التضخم ومعدلاتها كما وردت لا تعبر عن الواقع الحقيقي.
وهنا نكرر مُطالباتنا لمجلس النواب الموقر بطلب الحساب الختامي في الشهر الرابع من كل عام ليتم بيان نسب انحراف التقدير الجزافي لدائرة الموازنة لبندي الايرادات والنفقات ومقارنتها مع الواقع الحقيقي لها .
إن ارتفاع نفقات الحكومة و مؤسساتها إلى ما يقارب 10 مليارات دينار لعام 2014 مع ما نسمعه من الحكومات حول الموازنة الفضفاضة التي تحتاج إلى ضبط وتصريحات وزير المالية الحالي عندما استلم وزارة المالية للمرة الأولى حول وجود هدر في الموازنة من 15-20% ؟ لا يتفق مع هذا التوسع في نفقات الموازنة ، فلماذا لم يعمل معاليه على ضبط الهدر؟؟!! هل يُعقل أن نستمر بموازنة بها هذا المعدل من الهدر ؟ رغم شُح الموارد وزيادة الضرائب والأسعار ورفع الدعم!!!.
إن التوسع في المديونية لتمويل الموازنة دون ايجاد مشاريع انتاجية حقيقية تولد قيمة مضافة للإقتصاد الأردني ، يعني استمرار زيادة البطالة والفقر والعجز والمديونية وزج للبلاد في نفق لا ضوء فيه .
إن القارئ للأهداف المرصودة في مقدمة قانون الموازنة العامة لكل عام يظن أن معناه الوطن انتهت ، وأن الحكومة بهذا القانون سوف تحقق المعجزات وسترفع مستوى المعيشة للمواطن وستُعزز انتاجية الوطن ، وستُخفض مستويات التضخم !!! وبإنتهاء العام نجد أن معاناة الوطن قد تضاعفت وعجز الميزان التجاري قد وصل إلى مستويات مرعبة ومستويات التضخم أكلت الدخول وتضاعف عدد المواطنين العاجزين عن تأمين أساسياتهم؟؟ ودائماً تقول الحكومة أن القانون ينسجم وتطلعات القيادة لمستقبل أفضل!!