معرض الشارقة للكتاب .. القراءة بخير
فريهان سطعان الحسن
18-11-2013 01:24 AM
شوق بعد طول انتظار يبدو جلياً على وجوه أفراد العائلة جميعاً، أب وأم وأبناء، وهم يدلفون إلى القاعات الست التي تحتضن معرض الشارقة الدولي للكتاب؛ تتلألأ في عيونهم فرحة لقاء الكلمة المقروءة، ويدفع كل منهم عربته التي حملها كتبه المفضلة.
وفود هائلة من الصغار والكبار تتوزع بين أجنحة دور النشر التي بلغ عددها 1010، من 53 دولة، تجعل من المعرض أشبه بملتقى للثقافات والحضارات.
الأطفال وطلبة المدارس، يتعلمون أو يكتشفون في معرض الشارقة حب القراءة وعشق الكتاب. هكذا تراهم يتجولون بين جنباته بعرباتهم الصغيرة، يختارون كتبهم وقصصهم وحكاياتهم، ويختبرون تجربة التعلم باللعب. يستشيرون معلمين برفقتهم بشأن ما عليهم اختياره؛ هل يكملون سلسلة القصص التي أخذوها العام الماضي من المعرض ذاته، أم يجلبون غيرها؟ فالخيارات هنا كثيرة وواسعة.
المعرض أدرك أهمية دخول الطفل، منذ نعومة أظفاره، العالم الثقافي، وتنمية حب القراءة لديه. ولذلك، فقد أولى عناية خاصة للفعاليات والأنشطة الموجهة للطفل، ضمن برنامج ثقافي متميز، شمل أكثر من 200 فعالية أعدها خبراء ومتخصصون، تجمع بين الثقافة والمعرفة من جهة، والترفيه من جهة أخرى. وفعلاً، تابع تلك الفعاليات أكثر من 150 ألف طالب وطالبة حضروا إلى المعرض خلال أيام انعقاده.
وصل معرض الشارقة إلى الملايين من عشاق القراءة تحت شعار "في حب الكلمة المقروءة". فالرؤية تكمن في تحقيق الريادة العلمية والأدبية في المنطقة العربية. أما الرسالة، فهي تنمية حب القراءة لدى الناس وإثراء تجربتهم في عالم الكتاب. وهو ما يؤكده حاكم إمارة الشارقة، الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، بقوله: "نحن في الشارقة نقرأ، نريد المجتمع القارئ، وندعو إلى تعميق عادات القراءة بين فلذات الأكباد، بل وإلى توفير الكتب المناسبة للرجال والشباب وللمرأة.. كتب للجميع ولهم فيها منافع.. بهذا الفهم تكون واحات الكتب واحات نور لا بد من تنميتها وتطويرها.. وفي مجالاتها ومساحاتها فليتنافس المتنافسون".
معرض الشارقة بات اليوم منبرا للجميع، ونافذة لتبادل الخبرات، ومكانا يلتقي فيه أدباء ومثقفو العالم العربي والغربي، مع منح فرصة مميزة لالتقاء الجمهور بهم مباشرة. وخلال العام الحالي، ضم المعرض أكثر من 500 فعالية، تنوعت بين الندوات الفكرية والثقافية والحوارات وأمسيات الشعر، بمشاركة أسماء لامعة من بين مبدعي تلك الحقول.
وبرسالته العربية، أثبت المعرض تفوقه عالميا، بعد أن استقبل في دورته الأخيرة التي اختتمت أول من أمس، أكثر من 885 ألف زائر، من داخل دولة الإمارات ومن خارجها، واحتضن دور نشر إماراتية وعربية وأجنبية، حملت معها عناوين متنوعة، وصلت إلى أكثر من 400 ألف عنوان، سعيا الى مد جسور التواصل الحضاري مع أنحاء العالم كافة، والتقارب بين الثقافات، فضلا عن توقيع أكثر من 100 كتاب وإصدار جديد لكتاب إماراتيين وعرب وأجانب.
قصة النجاح بدأت من سيارة تجول شوارع إمارة الشارقة بمكبر للصوت، في أوائل الثمانينيات، لتعلن عن ولادة "معرض الشارقة للكتاب"، والذي أصبح الآن واحداً من أكبر أربعة معارض على مستوى العالم، ومنافسا أول في برامجه الثقافية ونشر القراءة وتبادل الخبرات من شتى أنحاء المعمورة.
اليوم، تضيء إمارة الشارقة كمنارة للثقافة والأدب على المستوى العربي والعالمي. ولنا أن نأمل أن يأتي قريباً يوم احتفالنا بالأردن حاضنا لهكذا معارض؛ تنهض بالثقافة الإنسانية، وترسخ دعائم المعرفة والثقافة، باعتبار ذلك متطلباً أساسياً لبناء الأمم والحضارات.
(الغد)