قراءة في قانون الموازنة العامة للعام 2014
د. عادل محمد القطاونة
17-11-2013 12:13 PM
كما هو معلوم لدى الكثير من ذوي الإختصاص في العلوم المالية والمحاسبية فإن الموازنة العامة للدولة تمثل بياناً تقديرياً تفصيلياً معتمداً يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة، والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة؛ فالموازنة العامة للدولة تعتبر بمثابة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
قبل أيام قليلة أقرت الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2014 بحجم بلغ 8096 مليون دينار وقد قدرت ايرادات الموازنة العامة بنحو 6982 مليون دينار أما العجز فقد بلغ فيها 1114 مليون دينار !! بمعنى آخر فإن عجز الموازنة قد تجاوز المليار دينار أردني ! أما في ما يتعلق في موازنات الوحدات الحكومية فقد بلغ حجمها 1829 مليون دينار وبلغت إيراداتها 710 مليون دينار وبذلك يصبح صافي العجز قبل التمويل لجميع هذه الوحدات حوالي 1119 مليون دينار !! أي أن العجز قد تجاوز المليار دينار أردني أيضاً !
حسب التقرير المرفق مع أرقام الموازنة العامة فقد تضمنت الموازنة العامة زيادة المخصصات المرصودة لتغطية الارتفاع في فوائد الدين الداخلي والخارجي والاستمرار في ضبط وترشيد النفقات التشغيلية وخاصة البنود المتعلقة بالمحروقات والكهرباء والماء والهاتف ومصاريف السفر ووقف شراء السيارات والاثاث وسحب السيارات غير الضرورية حيث يقدر عدد السيارات الحكومية في المملكة بأكثر من 20000 ألف سيارة حكومية تستهلك سنوياً عشرات الملايين من الدنانير !
في ما يتعلق في ابرز المؤشرات الاقتصادية المتوقعة خلال المدى المتوسط فتشير تقديرات الموازنة العامة إلى أن معدل النمو الحقيقي سيرتفع العام 2014 الى 5ر3 % من 3ر3 % متوقع مع نهاية العام 2013 ليرتفع الى 4 % عام 2015 و 5ر4 % عام 2016 ! كما تشير الى ان معدل التضخم سينخفض الى 2ر4 % العام المقبل نزولا من 9ر5 % متوقع مع نهاية العام الحالي نزولا الى 8ر2 % عام 2015 والى 5ر2 % عام 2016 ، علماً بأن هذه التوقعات تستند إلى إرتفاع مستوى وعي الدوائر الحكومية بضبط الإنفاق وتعزيز مفهوم الشفافية والرقابة !
قدرت المنح الخارجية للعام 2014 بنحو 1151 مليون دينار مقابل 982 مليون دينار المعاد تقديرها لعام 2013 اي بزيادة مقدارها 169 مليون دينار او ما نسبته 3ر17 %. وقدرت الايرادات العامة بمبلغ 6982 مليون دينار مقارنة مع 6208 مليون دينار معاد تقديرها لعام 2013 بزيادة مقدارها 774 مليون دينار او ما نسبته 5ر12%.
قدرت النفقات العامة في عام 2014 بنحو 8096 مليون دينار مقارنة مع 7176 مليون دينار معاد تقديرها لعام 2013 بارتفاع مقداره 920 مليون دينار او ما نسبته 8ر12 % وهذا يؤكد بما لا يحمل الشك في أن الموازنة العامة للدولة ما زالت بحاجة إلى حلول جذرية للجسم الحكومي المثقل بالأعباء والإلتزامات.
لقد تبنت الدولة ومنذ سنين برنامجاً وطنياً للإصلاح المالي والاقتصادي من أجل الإرتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن الأردني ومن أجل ذلك كانت الموازنة العامة للدولة هي أحد أهم الأدوات لتنفيذ هذا البرنامج من أجل إستعادة التوازن للمالية العامة والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي من خلال تحقيق المزيد من الانضباط المالي على المستويين الكلي والقطاعي وتخصيص الموارد المالية المتاحة بشكل يكفل التوزيع الجغرافي بشكل افضل وبما يضمن توزيع مكاسب التنمية على مختلف محافظات المملكة.
إن من الأمور التي يجب أن تكفلها خطة الموازنة العامة للدولة للعام 2014 جملة السياسات والاجراءات الاصلاحية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من أجل تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية والبلديات في تحديد احتياجاتها واولوياتها التنموية بما يسهم في زيادة الثقة بمسار عملية الاصلاح الشامل. هذا بالاضافة الى اعتماد مفاهيم الحاكمية المؤسسية في مجال المتابعة والتقييم وتعزيز مبادئ المشاركة والشفافية وتعميق تطبيق مفهوم الموازنة الموجهة بالنتائج والمعمول بها في المملكة.
إن تحديد سقف كلي للانفاق العام وكذلك سقوف جزئية لكافة الوزارات والدوائر الحكومية بات مطلباً حيوياً في الموازنة العامة للسنة المالية 2014 وتحسين كفاءة الانفاق العام وترشيد الانفاق الجاري غير المنتج وصولاً الى موازنة شفافة وصحية وإدارة السياسة المالية بشكل يكفل احتواء عجز الموازنة العامة والدين العام الى المستويات الآمنة وبما ينعكس ايجابياً على تحسين موقع الاردن على الخارطة الاستثمارية العالمية وتعزيز مستوى جدارته الانتمائية في الاسواق المالية الدولية وبما يساعد الاقتصاد الوطني على تحقيق نمو حقيقي قابل للاستمرار وينعكس إيجاباً على المواطن.
إن من الأمور التي يجب أن تراعيها موازنة العام 2014 يكمن في الإستغلال الأمثل للمنحة الخليجية وتعزيز البنية التحتيتية لمقدرات الوطن ودعم مشاريع الطاقة والمياه والصحة والتعليم ودعم تعزيز شبكة الأمان الإجتماعي وإيصال الدعم لمستحقيه وإعادة النظر في قانون ضريبة الدخل بشكل يلبي التصاعدية المدروسة والتي تكفل تحقيق العدالة والإلتفات إلى المحافظات والبلديات والإعتماد على الموارد الذاتية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دور الجامعات في المجتمع .
ختاماً تبقى الموازنة العامة للدولة هي الخطة التي من خلالها يمكن قراءة البيانات المتعلقة جوانب إيجابية عديدة مثل زيادة معدلات النمو والازدهار والتنمية وتخفيض معلات الفقر والبطالة والتضخم والمديونية والعجز وغيرها من المفاهيم الاقتصادية ذات الصلة في حياة المواطن الذي يأمل في صبيحة كل يوم أن تنعكس برامج الإصلاح إلى واقع معيشي أفضل.