ياشام غاب الصيف *ناهض الوشاح
17-11-2013 12:09 PM
لم نلتقي منذ الشتاء ... بدأنا السفر في الماء مُودّعين ساعات الأنتظار والبكاء على بلاد ولدنا فيها ..تكبر فينا ، بعيدا عنّا .
آنست فيك دفئا ، حفظتك شعراً ... كتبتني عيناك عاشقا مبللا بالندى والحنين ... شربنا القهوة معا وأكلنا التفاحة بفرح مفرط... وقفنامعا كظل في النهار ودّع ضيوفه بقبلة على جبين المساء.
ضممتك مرتين .. قُبلتين ... زهرتين تنمو في ربيع حملك إليّ ... وفي صيف حملني إليك ... ولدنا مرتين .
بعثرنا الدقائق ... وقهرنا المألوف ... إنحنت أرواحنا لنسمات الأمل ... إمتهنّا الفرح .. راقصنا العصافير وهي تُداعب صغارها .. إخترنا عُشّاً بحجم كل الدروب التي تاهت فينا لحظة بلحظة ... أبحث عنّي فأجدك في قلبي .. أبحث عنك فأجدك قصيدة مكتوبة في كل كتاب .. أو ثورة من الحنين أقرع بابها فلا يُفضي الا إليك .
مُكبّلٌ بالخوف .. أُريدك ولا أستطيع البقاء إلى جانبك ... راوغتني روحك ، حاولت البوح نمت على صدرك قليلاً ... مازلت أحفظ سرا كبيرا لن يحتمله قلبك لو إنفجرت دموعي بالحكاية . حكاية الجدة التي عملت في بيوت الأغنياء متعللة بكثرة صغارها وضيق حالها ... تصفعني بصوتها كلما رأتني أشرب الحياة قطرة قطرة ... حرفا .. حرفا ... كأنها ترى فيّ آدم يبدأ الحكاية من النهاية .
ينتابني الخجل معك دون سردحكايا الجدات وصلوات الأمهات ... فالفقر لا دين له كما الحب لا زمان له ... لا مكان نجده فيه لا يُعوّل عليه .
مُتملصٌ من دفق الجراح ... عائدٌ إلى مكان ليس لي ولا أرى سواك صفحة أحلم أن لا تنتهي ... لكن الصفحة إنتهت وصرت أنا أعشق ... أنا عاشق ... أنا العاشق .
متهاهة رسمتها خُطاك وأشعلها شتاءٌ أعلن قُدومه قبل الأوان ... أما آن لهذا القلب أن يتوارى في إنحناءة المفجوع بكل محاولة ليست خسارة ... الخسارة حين نتوقف عن البحث ..عنك .. عني ... عن شئ نعيش من أجله .
سلام لأرواح من مرّوا في احلامنا ونثروا ورود غيابهم على عتبات صباحتنا التي لم نفترق فيها ... لكن الشجر تمرد على أوراقه في ايلول الحزين.. كبرت ولم يجف قلبي عن ترديد إسمك كل يوم ... مُثقل بالغياب .. كل قوة ضعف .. كل سفر غياب ... كل فرح خيانة .. كل حلم فجيعة .. في رحيلك إشتعل إغترابي .
ليتني متّ فاسترحت ... فإني كلما قلت نسيتك تذكرتك أكثر ... مزقت روحي في (عالم بلا خرائط) .. ولم اجد مكاني .. دخلت (عالم صوفي) فوجدت سقراط يعلم أنه لا يعلم ... خلعت حذائي وركضت في (الخبز الحافي ) فكانت النصوص التي أعدمتها أجمل من تلك التي نشرتها ..
هرمت كنسر إعتزل التحليق في السماء ... فحلّق عميقا في الأرض .. إستيقظت من حلمي ولم أجدك أمامي... صخب الوحشة يرن في أذني .
أفتح عيني.. فأجد الحمام يُهاجر والعصافير تُغادر ... وتشرين الحزين يجتاحني في يوم خرجت فيه لأقتل الوقت ..فقتلتني مشاهد الجوع والموت في شوارعك .
أيا شام ...
أما آن لقلبك أن يترجّل ..
أمتشق قلبي وأحثّ الخطى نحو بحر تاهت الحروف في ملامحه ... أرددعلى مسامعي قصيدة حفظتها عن ظهر حب لينثرها صوتي حين نخسر فرحتنا ونُدرك غُربتنا في هذه الدنيا القاسية ...
تخلّي عن أسلحتك لأعيش يوما أذكرك فيه كأني ولدت غداً.. لأقول :أنا أعشق ... انا عاشق .. أنا العاشق لك يا شام .