دوماً كنت أُشبه (الصحفي الحق) بأنه كالذئب يعيش من سعي قدميه... لكنني اكتشفت قبل أيام أن (الصحفي الحق) يمكن أن يكون نمراً أو نَمرة تأبى وترفض إعطاء ولو شعرة من (فريستها) للآخرين مهما طالت وامتدت توسلاتهم ورجاؤهم.
ملخص الحكاية.. دُعيت من جمعية أطباء الجلدية لمؤتمرٍ صحفي عقدته مؤخراً للحديث عن مرض الصدفية وآثاره الجسدية والنفسية على المصابين ووصول علماء إلى دواء يوقف انتشاره في فروة الرأس..حيث رفضت زميلة وزميل إرسال ما سيكتبانه من خبر لزملائهم الذين غابوا عن المؤتمر لأسباب وصفاها أنها واهية وضعيفة وغير مبررة.
بعد إنفضاض المؤتمر الصحفي تناقشنا في الأمر فأكدا أنهما على حق وقالا: لا يمكن أن نقوم ونحن تركنا أطفالنا وبيوتنا لإنجاز هذه المهمة الصحفية أن نرسل لهم صيدنا هذا ودون أن يبذلوا أي جهد فيه ودون أعذار قوية ومقنعة.
وعودة إلى أيام مطاردتي وزملائي الصحفيين كالذئاب لتغطية المؤتمرات واللقاءات والندوات... كنت لا أمانع في إعطاء ملخص شفوي وليس كتابياً عن مؤتمر صحفي وكنت أرفض رفضاً مطلقاً ونهائياً إعطاء أي سَبق وانفراد صحفي لأي زميل ولو كان من أعز أصدقائي.
وأتذكر أن زميلين لا أود أن اذكر إسميهما في هذه العجالة حضرا ذات يوم عصراً ليسألاني عن أخبارٍ جديدة لدي في المناطق والشؤون التي كنت أغطيها : (الشأن الفلسطيني والشأن النقابي المهني والعمالي والحزبي).. فرددت عليهما بأن لا أخبار لدي الآن.. وفي اليوم التالي كان هناك خبر لي يتربع في (الرأي) وعلى مقدمة الصفحة الأولى وفي يوم نشر الخبر جاء الزميلان ليلوماني قائلين: ما الذي يُضيرك لو أعطيتنا الخبر؟!
فقلت لهما وبالحرف: (لو عادت أمي من قبرها وطلبت مني هذا الخبر لما أعطيتها إياه)؟!.
الأستاذ الصحفي بول شاؤل من (المستقبل) الباريسية وهو شاعر وكاتب معروف وصحفي مخضرم في الصحافة العربية المهاجرة.. كان يرفض إعطاء أي خبر صغير أو كبير مهم أو غير مهم لأصدقائه الصحفيين لأنه كان يعرف أنه اذا أعطى وزملاؤه أية أخبار لزميلٍ صحفي إتكالي سيجمعها لتصبح أفضل مما كتبته أنا والصحفيون الممتازون واصفاً هؤلاء الصحفيين الإتكاليين ب(الصحفيين السياح)..؟!