كفاح الهاشميين والأردنيين في سبيل الإستقلال (1)
د. معن ابو نوار
16-11-2013 12:12 PM
لعل من لب المنطق أن نعتبر التاريخ إحياء عقليا لحقائق الماضي وأشخاصه ؛ مجتمعاته وحوادثه ؛ أماكنه وطبيعته ؛ وما شابه ذلك. كما يمكن إعتباره حالة تواصل ؛ حوار ؛ تفاعل ؛ وتفاهم بين المؤرخ وحقائق الماضي. ولا بد لنا من إعتبار المؤرخ نتيجة من نتائج التاريخ والبيئة التي عاش فيها والمجتمع الذي ينتمي إليه. لذلك أجدني ضمن هذا المفهوم للتاريخ نتيجة من نتائج شرق الأردن. إلا أني في بحثي وكتابتي في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية حاولت بكل ما أقدر عليه من جهد عقلي ؛ أن أكبت مراودة ضميري الوطني الأردني الذي حاول إغرائي بأن أكون ناطقا باسم مجتمعي ووطني. فاعتمدت في كل ما كتبت على الحقائق التاريخية الصافية الموثوقة بالمصادر الرئيسة المعروفة في التاريخ.
لن أنسى ما حييت عطف المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله وطيب ثراه ؛عندما قال لي يوم زارني في جامعة أوكسفورد: " كرامة التاريخ في الحقيقة التاريخية الصادقه الصافيه من كل إنحياز أو عاطفه."
أبدأ كتابة هذه الملامح التاريخية الأردنيه بتوجيه أعظم وأصدق التمنيات لسيدي صاحب الجلالة الملك عبد اللع الثاني بن الحسين المعظم؛ والأسرة الهاشمية النبيلة ؛ والشعب الأردني الحبيب ؛ وأدعوه سبحانه وتعالى بمناسبة كل عيد إستقلال أن يحمي إستقلالنا وحريتنا وسيادتنا وإرادتنا الوطنيه؛ وبعد:
كان التخلي من قبل بريطانيا وفرنسا عن عهودهما والتهرب من وعودهما إلى قائد الثورة العربية الكبرى المغفور له الملك الحسين بن علي طيب الله ثراه؛ غدرة موجعة ؛ ومضرة ضررا بالغا ؛ ومخيبة للآمال العربية ؛ ولكن بالرغم من ذلك كان ذلك التخلي السبب الرئيسي من أسباب عديدة للنهضة العربية الحديثه التي قامت بين الحربين العالميتين الأولى والثانيه. وكان لفقدان الثقة العربية لبريطانيا وفرنسا خلال العشرينات والثلاثينات من جهة ؛ واتقاد أشواقهم وطموحاتهم لتحقيق حريتهم واستقلالهم من جهة أخرى؛ السبب الأهم في إثارة المشاعر الوطنية العربيه ؛ والمشاعر الوطنية القطريه في آن معا ؛ في نفوس وعقول وقلوب أبناء الأمة العربية جميعا.
وقد قام الإحباط الكبير الذي خيم على العالم العربي بعد التنفيذ المخزي لاتفاقية سايكس/بيكو ؛ وبعد تنفيذ الإنتداب الفرنسي والبريطاني عام 1922 ؛ وبعد أن حولت بريطانيا وفرنسا إنتدابهما من مهمة إنسانية نيابة عن عصبة الأمم المتحدة إلى شبه سيطرة إستعمارية على الأقطار التي وضعت أمانة لديها من قبل الإنسانيه ؛ وبعد إزدياد موجات الهجرة الصهيونية اليهودية التي فرضت على الشعب الفلسطيني ؛ وبعد المقاومة المشهورة الليبية بقيادة عمر المختار ضد الإستعمار العدواني الأيطالي والتي استمرت حتى عام 1932 ؛ وبعد المقاومة السودانية ضد الإستعمار البريطاني عام 1924 ؛؛ وبعد الثورة السورية ضد الإستعمار الفرنسي عام 1925 – 1926 ؛ وبعد ثورة نجمة أفريقيا الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي عام 1926 ؛ وبعد الثورة الفلسطينية عام 1936 – 1939 ؛ إستمر الكفاح العربي في جميع الأقطار العربية دون استثناء للتخلص والتحرر من من السيطرة الأجنبيه. لقد قدمت الأمة العربية أنهارا من الدم العربي ؛ وأعظم التضحيات في سبيل الحرية والإستقلال؛ والوحدة العربية.