تأصيل الإسلام السياسي أم استئصاله؟
عمر كلاب
16-11-2013 01:56 AM
على مدار يومين ناقشت نخبة عربية بدعوة من مركز الدراسات الاستراتيجية في الامارت مستقبل الإسلام السياسي وحركاته وأحزابه بعد انهيار التجربة في مصر حصريا عبر سؤال “ مصر الى اين “ مع تعريجات خفيفة على دخول تونس نفق الصدام الحزبي وبقاء ليبيا خارج جاذبية الاستقرار السياسي بل بوادرها تقول، إنها في طور التفكيك الجغرافي على غرار النموذج السوداني .
المشهدية المصرية وعلى لسان المشاركين من مصر بدت وكأنها تسير نحو اعدام تجربة حزب الحرية والعدالة في الحكم ومن خلفها جماعة الاخوان المسلمين، ساعية الى استئصال وجود الاسلام السياسي من الحياة المصرية واستثمار اخطاء وخطايا الجماعة في الحكم لتحقيق الاستئصال وساد مفهوم الاجتثاث رغم عدم ذكره علانية، وكانت عبارة او توصيف اليساري العتيق رفعت السعيد “ المتأسلمين “ هي الاكثر تكرارا عند الحديث عن الجماعة في مصر وكأنها حقيقة سياسية وتاريخية، رغم الملاحظة المنهجية على الوصف وكذلك اسقاط ظرفية المصطلح الزمانية والسياسية .
ربما انفرد الصحفي مكرم احمد نقيب الصحفيين المصريين السابق وأحد من جاء الرئيس السابق محمد مرسي على ذكرهم بسوء في اخر خطاب له، برؤية سياسية حصيفة حيال المشهدية الحالية بضرورة تأصيل وجود الحزب والجماعة وليس استئصال الوجود، عبر ادماج جزئي للجماعة في الحياة السياسية وصولا الى الادماج العام، فلا احد يملك الغاء الجماعة في مصر او في غيرها من الاقطار .
وتأسيسا على ماقاله مكرم احمد فإن الجماعة الاخوانية ايضا ليست متشابهة السلوك في كل الاقطار، فالجماعة في مصر ليست الجماعة في الاردن وليست نفس الجماعة التي شاركت في مراحل الحكم في العراق بعد الاحتلال ومنذ حكومة بريمر الى ما بعدها، ومسألة التعميم التي وقع فيها الكثير من المشاركين اخرجت اللقاء عن سياقه وسحبت الكثير من رصيده الحيوي المطلوب او المأمول، لأن مرحلة المستقبل العربي تتطلب توافقا سياسيا دون غياب او تغييب او اجتثاث، وذلك بعد الاتفاق على قواعد العملية السياسية وتثبيت هذه القواعد، ليكون دور الدولة والمؤسسة العسكرية تحديدا حماية هذه القواعد وضمان عدم العبث بها، اي يكون العسكر ضمانة للاتفاق وحماة للاستقرار بعد افراز نتائج الصناديق الانتخابية التي تُفرز الجهة السياسية التي ستحكم ولا تتحكم في البلاد والعباد .
المشهدية المصرية وانعكاس ظلالها على المشهدية العربية بالصورة التي تحدث بها المشاركون المصريون في الندوة المغلقة لن تأتي بالخير على مصر وسائر الاقطار التي ستسلهم التجربة المصرية، لاكثر من سبب ليس اولها ان الجماعة الاخوانية موجودة في الحالة العربية السياسية ولها انصار تتدرج نسبتهم من 15% - 25 % من الحصيلة الصوتية ولا آخرها انها ضرورة سياسية ومجتمعية لا يمكن القفز عن دورها الايجابي في كثير من المفاصل الوطنية.
ما افرزته الحالة العربية بارهاصاتها وايجابياتها في الربيع العربي، ان الدين جزء من السياسة، ولكنه لا يجوز ان يكون جزءا من السلطة بأي حال من الاحوال، وان الحل يبدأ بإطلاق الطاقات المتنوعة والمتعددة وتركها تعمل في فضاء سياسي مفتوح لإدماج كل مكونات المجتمعات في العملية السياسية وتوفير اختيارات متنوعة ومتعددة للمواطن العربي كي يختار من يمثله بشروط سياسية برامجية قابلة للمحاسبة والمحاكمة الشعبية في الانتخابات التالية، اما الاجتثاث وغيره من المفردات السائبة فقد ولت الى غير رجعة .
مركز الدراسات في الامارات نجح في الخطوة الاولى بتجميع مكونات عربية مختلفة المشارب الفكرية وعليه استخلاص نتائجها وتعميمها لتكون ارضية لتحقيق التوافق السياسي، وتوفير الية للحوار البَيني بين المكونات ولأن الحوار وحده الكفيل بتحقيق الادماج السياسي المطلوب .
(الدستور)