أسباب خسارتنا أمام الأورغواي
15-11-2013 12:15 PM
عمون - كتب: حسام عايش - بداية فقد كان أداء المنتخب متوازنا في بداية الشوط الأول، والتقييم العام له في المباراة ليس سيئا، وبعض الفرص على قلتها كان لها لو تحققت أن تلعب دورا في النتيجة النهائية، وبالمحصلة فلدينا منتخب يكتسب خبرات جديدة لم يكم ممكناً الحصول عليها بدون الدخول في اتون مقارعة حقيقية مع فرق قوية، مع اشادة بجمهور تميز بالانضباط والتشجيع الإيجابي ،وفوق هذا وقبله وبعده حضور ملكي كرس ويكرس معنى المشاركة بين القائد وشعبه وهو يتفاعل بعفوية تامة مع مجريات المباراة لكأنه يتحسس بالفعل مشاعر كل فرد من أبناء هذا الوطن التواق للانتصار والفوز.
وفي إطار ذلك كله نسأل هل كنا نتوقع الفوز، أم نأمله؟ فالفارق بينهما كبير، فتوقع الفوز يعني امتلاك القدرة عليه وفق المعطيات الفنية والمعنوية والتدريبية والنتائج الإيجابية في المباريات المختلفة التي تسمح بذلك التوقع، بالتوافق مع معطيات مجتمع متوازن في أدائه الاقتصادي والاجتماعي تتراكم فيه الخبرات ويزداد النمو ويتحسن معدل دخل الفرد وترتقي قطاعاته المجتمعية جميعها بالإنجاز المستدام، أما تمني الفوز فيعني امتلاكنا لبعض العناصر التي يمكن البناء عليها بغية الأمل بتحقيق الفوز كالأرض والجمهور والدعم المادي، و حافز الفرصة الاستثنائية بإمكانية التأهل الى كأس العالم، وهي جميعها تلعب دورا معنويا وليس تقنيا في مباراة مصيرية.
ثم نسأل هل كان هدف الطاقم الإداري والفني للمنتخب تحقيق التعادل أم الفوز؟ وهل كان هناك قبول ضمني بهزيمة معقولة بفارق هدف أوهدفين ؟ أم أن غاية المنى أن نحقق تعادلا يسمح لنا بتبرير الهزيمة خارج الديار (إن حدثت) على قاعدة الإرهاق والتعب واللعب بين جمهور وعلى أرض أخرى وأمام لاعبين يملكون الخبرة والقدرة على الحسم وخاصة على أرضهم مبررات منطقية للهزيمة؟
هل منع تسجيل الأهداف الخمسة وعلى أرضنا استخدام التبرير المشار إليه في حال الهزيمة هناك، وبالتالي فليس من عذر يقدم سوى أن يتحمل المدرب مسؤولية الهزيمة لحفظ ماء الوجه، لأنه ببساطة لن يخسر شيئا، فإن أقصي من منصبه فقد سجل في سيرته الذاتية أنه درب منتخب الأردن إضافة إلى قبض كامل مستحقاته، وإن بقي فصحتين وعافية، علما بأن هذا المدرب هو من حمل اللاعبين مسؤولية التعادل مع عمان قبل أسبوعين تقريبا من هذه المباراة.
أيضا ألم نتعثر في أكثر من مباراة، ألم يكن الفوز في مباريات أخرى رسمية وتجريبية غير مقنع من الناحية الفنية، ألم نعانِ من عدم ثبات تشكيلة المنتخب، ألم نلاحظ التخبط الواضح في إدارة وتوجيه اللاعبين على أرض الملعب من قبل مدرب يكثر من الصراخ المستفز؟.. ألم نلاحظ ضعف الإعداد النفسي للاعبين ما جعلهم يحصلون بسهولة مبالغ فيها على البطاقات الصفراء أو يستفزون (بضم الياء) دون امتلاك القدرة على التحكم بأعصابهم، حتى وصل الامر ببعضهم وهم اللاعبون المحترفون للعراك مع المدرب وقد غاب عن بالهم أنهم في المنتخب لا يمثلون ذواتهم وإنما وطنهم وشعبهم.
ألم نلاحظ أنه في كل مرة نرفع فيها مستوى التحفيز المادي للاعبين نخسر؟.. فدولة مثل البرازيل عندما تحفز اللاعبين للفوز بكأس العالم مثلا بمنح كل لاعب مليون دولار يكون الأمر بالنسبة لهذا اللاعب منطقيا لأن راتبه الشهري قد يصل أحيانا إلى المليون دولار وبالتالي فالتحفيز المادي هنا مدروس، لكن في حالة اللاعبين لدينا فعندما تحفزهم لتحقيق الفوز بمبلغ 50000 ألف دولار مثلا فإن بعضهم إن لم يكن جميعهم لن ينام ليلة المباراة وهو يحلم أو يخطط لكيفية إنفاق هذا المبلغ أو لسداد ديون متراكمة عليه أو شراء منزل أو سياره أو زواج، وسياتي للمبارة تعبا من السهر وهو يفكر بهذا المبلغ، اذا ليس كل تحفيز يؤدي الى النتائج المرجوة الأمر الذي يتطلب أيضا دراسة أسس التحفيز المنطقية.
والسؤال الكبير هنا أيهما كان أفضل أن يهزم منتخبنا على أرضه وبين جمهوره وذلك مما يمكن تحمله، أم أن يهزم في الكأس العالمية إن تأهل للمونديال ولعب بنفس المستوى من الأداء الذي لا يحقق حضورا عالميا لانه لا يسمن لعبا ولا يغني من نتائج، وبالتالي يصبح مضرب المثل بعدد الأهداف التي ستدخل مرماه، وهنا بالضبط فكاتب هذه السطور يعتبر الخسارة ضمن المعطيات المشار اليها مكسبا لنا.
وعلية الا تبدو الحاجة ماسة لتشكيل لجنة تقييم للمسيرة الكروية للوقوف على الأخطاء لتجاوزها، ولمعرفة نقاط القوة لتعظيمها؟ فالولايات المتحدة بعظمتها سارعت وبعد ان سبقها الاتحاد السوفياتي السابق بإطلاق قمر صناعي الى الفضاء لمراجعة نفسها، لتكتشف حاجتها إلى تغيير نظام التعليم فيها من أجل سد الفجوة العلمية الفضائية، فكان لها ما أرادت لتنطلق إلى الفضاء وليهبط أول إنسان على القمر من أبنائها، لذلك ما المانع من وجود مثل هذه اللجنة.
الكارثة ليست خسارة المباراة بل السوق السوداء لبيع تذاكر المباراة حيث استغل البعض هذه المناسبة لتحقيق أرباح شخصية، والمؤسف أن هذا البعض اضحى يملك فرص الحضور في كل المناسبات لاستغلالها ابشع استغلال لتحقيق مكاسب ذاتية سوداء، ليس في كرة القدم فقط بل في السياسة والاقتصاد والاعلام والثقافة وفي كل القطاعات، وهو الذي يتصدر المشهد العام اليوم حيث تحفل الاخبار بنماذج فاقعة من شخوصة فهل يمكن لنا الفوز بوجود هذه النوعية من العابثين؟
لن يحدث الفوز بمعزل عن المجتمع كبيئة حاضنة، ذلك أن الرياضة والفنون والآداب والشعر والموسيقى نتاج مجتمع متطور متقدم لا مجتمع مازال حتى اليوم يعاني من عجز موازنته او زيادة مديونيته او تراجع مستوى معيشة ابنائه، رغم ان ذلك قد لا يمنعه من تحقيق فوز هنا اوتعادل هناك، لكنه لا يصنع الفوز المستدام الذي نريده جميعا، لذلك فليس من الحكمة ان نحزن على خسارة مباراة، لكن الحكمة كلها ان نراجع انفسنا ونضع الخطط والبرامج التي تكفل لنا الانطلاق نحو المستقبل ببرامج اقتصادية واجتماعية وسياسية خلاقة ومبدعة ومتفوقه تكفل مشاركة الجميع في البناء لتحقيق الانجاز الذي نصنعه معا ، فالنجاح ليس فرديا او قطاعيا بل هو فوز ونجاح مجتمعي بالكامل، وعندها يكون توقعنا للفوز في الرياضة كما في غيرها امرا منطقيا فيما الخسارة تكون مدخلا لتحقيق نصر بمعايير واداء ونتائج افضل بعد استخلاص العبر منها.
ودائما فالهزيمة أول مدماك في صرح النجاح، فكل الذين فازوا اختبروها مرات ومرات، وفي كل مرة كانت تعلمهم وتلهمهم نحو الطريق الصحيح، فلنتعلم من الخسارة لانها هي التي تعطي معنى الاحساس بالفوز او النصر.