بين يديِّ راحلنا الخالد الحسين في ذكرى مولده العظيم
ممدوح ابودلهوم
15-11-2013 02:07 AM
لكأنك أبا عبدالله ما زلت بين ظهرانينا اليوم كما في كل حين مذ رحلت قبل عقد ونيف من عمر الأردنيين، وذلك في إهاب ذكرى مولدك الثامنة والسبعين فما نستذكر بل نعيش نبضاً إنتمائياً وخفقاً إنسانياً، ما تركته لنا وهو ما ان تمسكنا به لن نذل أبداً عبدالله الثاني الذي يواصل بين إعلاءٍ وتعزيز ما صنعته طيب الله ثراك في الدورين معاً الأب الحاني والملك الباني.
من هنا وبهذا المعنى أننا لم ولن ننساك وكيف وامتدادك الأبهى نجلك الأكبر وريثك الأمين وقرة أعين الأردنيين، نمضي خلفه كما كنا معك وكذا كما أمرت بأن نبقى على القسم العظيم الذي تخر له الجباه بأنّا ( سنخلص للمليك وللبلاد مدى الحياة )، نمضي معه أجل نحقق حلمك العظيم الذي أصبح حلمه العظيم في أردن الغد الأنموذج الذي إليه نرنو ونطمح ولأجله ننعتق ونعمل.
لكأنك أجل أبا عبدالله خالدنا وغالينا راحلاً ومقيماً دفئاً وحنيناً ستطل علينا بعد قليل، من على الشاشة الصغيرة خطيباً في مناسبةٍ من مناسباتنا الوطنية التي ما زلنا على عهد الإحتفاء بها مع ورثيك المفدى في هذا العهد الهاشمي الرابع الميمون، أو نتابع لقاءً أو مقابلةً أو جولةً لجلالتك طيب الله ثراك تتفقدُ ثغراً باسلاً أو تطمئن على بعض شعبك في معمورتنا الأردنية الهاشمية الشماء، أو تنحني على ركبتيك كما يفعل عبدالله اليوم وقد نذرته رحمك الله لأجل الأردن والأردنيين تعانق عجوزاً أو تغيث ملهوفاً من بني شعبك الأقربين..
أربعة عقود ونيف من حكمك الباني وكنت المؤسس الثاني لهذه المملكة الماجدة، التي طفق مجدها آفاق هذا الكوكب شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً بك في الأمس وبعبدالله اليوم بفضل ما أُسميه عبقرية البساطة لديكم آل هاشم في نهج الحكم، وأحسب أنني لا أجافي طبائع الأمور ومنطق الأشياء فأكون منصفاً إذا ما رأيت بتواضعٍ جم وحكم شفيف، أن لا قطع بين حلقات الحكم في عهد جلالتكم الثالث وبين حلقات حكم جلالة ابن الحسين وأبي الحسين الرابع في سلسلة الحكم بالمجمل في أردن الهواشم العظيم، فحسبنا اليوم بتواصله ووصله برحم الأمس عهدكم الميمون أن كان لنا تجليات ربيعنا الخاص تنميةً شاملةً وإصلاحاً شافياً على الصعيدين معاً السياسي والدستوري.
ضُحى الأمس الخميس يوم الذكرى تابعتُ على الشاشة الصغيرة للتمثيل لا للتدليل، لقائين دافئين وحميمين الأول مع الباشا حسين هزاع المجالي وزير الداخلية حالياً والمرافق الخاص لجلالتكم أنذاك، حلق فيه معاليه في سماء الذكريات فأغدق وزاد وأعاد وجاد في كثيرٍ وقليلٍ حول فضيلة التواضع الجمّ بإمتياز لدى جلالتكم، أسوق هنا والإختصار ظالمٌ هو لا جدال مشهد جلالتكم رحمك الله، وأنت تنحني لتعقد رباط حذاء طفلة بوسنية وجدته فالتاً وتمسح دموعها وتضمها بحنان الأب إلى صدرك العطوف إبان استقبال وجبة من اللاجئين البوسنيين في المطار الدولي..
أما اللقاء الثاني فمع العين الشاعر حيدر محمود الذي أفاض أيضاً وأضاف واستفاض دَفقاً ضافياً، حول ذكرياته بالقرب من جلالتكم وشعره الذي ما زالت قصائده تصدح مُشنّفةً الأفئدة قبل أذان السامعين، ما يفتح وبالمناسبة باب التذكار على مصراعيه كي نستعيد مثالاً لا حصراً قصيدة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري أبو فرات ( يا أيها الملك الأجل مكانةَ بين الملوك ويا أعز قبيلا )، والتي منها يقول رحمه الله ( لله درك من مهيبٍ وادعٍ نسرٍ يطارحك الحمام هديلا ).
لم تُرفع، بعدُ، مليكنا الأجل الخالد والمقيم طيب الله ثراك، صحيفتي في ألق التذكار ولم ينضَب ايضاً قلمي، وديّم الذكرى التشرينية اليوم هي سكوبٌ حُبلى بغيث التسطير بمناقب وفضائل سيرة جلالتكم العطرة، وما أصعب أن أضع له حداً لولا مساحة هذا الأديم الورقي الناعم، حسبي إذن مُختصراً لا خاتماً أن أرفع أكف الضراعة إلى الله جل شأنه وعز مقامه، أن يرحم جلالتكم رحمةً واسعةً تليق بأمثالك من الطيبين، وأن يوسع مُدخلك مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.. في جنات وعيون.. اللهم امين.
(الرأي)