أنا أردني , و هذا من نافل القول حتما , لكن حينما عزف السلام الوطني لجمهورية الأروجواي - قبيل " المجزرة " أياها - شعرت بفخر أعرف سره و بإعتزاز ادرك كنه و بسعادة احب طعمها و رفعت رأسي عاليا , يا للغرابه , لمجرد أن اللاعبين و بضع عشرات من جمهورهم قد " رطنوا " بكلمات لا أفهمها و لا تعنيني كأردني !
كان بإمكاني ان أكلف نفسيا قليلا من العناء فأستنجد بموقع البحث " غوغل " لمعرفة كلمات النشيد الوطني لجمهورية الاروجواي لكني لن أفعل من باب أنه يحلو لي ان أتخيل كلمات النشيد الوطني .. لأقل معاني الكلمات و مضامينها و سحرها , أنها – بلا ريب – تتحدث عن وطن فقير و صغير لكنه يتحدى المستحيل و يرنو الى مستقبل باهر و يتحدث , حتما , عن حضارة شعب يحب الحياة و يقدسها و يصر على تقديم شيء ايجابي للانسانية و يتمسك بمقدراته و يعادي كل من يجرؤ على سرقة حبة قمح ..لا شك عندي ان شعب الاورجواي يقف بالطابور و يقرأ و يحب الموسيقى و يمجد تراثه و يقبل بالتنوع و لا يكفر الرأي الاخر و يفتخر بأنه فقير لكنه لا يفقد إنسانيته تحت وطأة المعاناة لا بل أنه لا يسيء لضيفه ولا يهجوه بعبارات ساذجة من باب الحماسة الوطنية كما نظن نحن !
لم أكن واهما بأن نتيجة المباراة ستكون ثقيلة و هذا ليس عيبا بالنظر لفارق الخبرة الرياضية و ليست نهاية العالم بل هي الخطوه الاولى على طريق المجد الكروي بالنسبة لنا بشرط اجراء مراجعة تطال اداء كل المسؤولين ايا كانوا . لكن على وقع النشيد الوطني لجمهورية الاورجواي تأملت بفاجعة خسارة وطن و بسلوك شعب يقبل التعايش مع الفساد و بإنتهازية مسؤولين أصغر لص فيهم يملك أضعاف ما يملك " موخيكا " رئيس الاورجواي الذي لا يصل " راتبه " الشهري , لاحظوا ان له راتبا محددا ! , الى 2500 دينار أردني فضلا عن تبرعه بنصفه لبعض الفقراء و أنه قد يحضر مباراة " الرد " الأسبوع القادم إذا ما انهى باكرا عمله في " حاكورة " بيته المتواضع و انه سيقف في طابور الدخول كأي مواطن أخر ليهتف هو و عشرات الالاف من أبناء شعبه لوطنهم و منتخبهم فقط ....
لست اردنيا من أصول لاتينيه لكني و على وقع سلام وطني محترم تأملت فوجدت أن خسارة مباراة كرة قدم تهون كثيرا أمام خسارة وطن ... صدقوني !