على حد سواء، تراجعت شعبية الحكومة ومجلس النواب، بحسب نتائج استطلاع الرأي العام الأخير الصادرعن مركز الدراسات الاستراتيجية، ولم تحصل السلطتان كلتاهما على علامة النجاح في امتحان الرضى الشعبي.
تغيير الانطباع مسألة ليست هيّنة، بل يحتاج عملاً جادّاً، يعترف بداية بالنتيجة السيئة التي أحرزتها السلطتان، وتالياً وضع الخطط التي تتضمن خطوات ملموسة لإنجاز الهدف الذي يطيل عمرهما.
معيار البقاء واضح، حدده الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش لافتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة؛ ويتمثل في حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب، وحصول الأخير على ثقة الشارع.
طريق الحكومة ليست معبدة بالورود، والكل يعلم أن على أجندتها مزيدا من القرارات الصعبة، أبرزها المضي في تنفيذ قرار زيادة تعرفة الكهرباء، مطلع العام المقبل، على القطاع المنزلي الذي يزيد استهلاكه على 600 كيلوواط، كما على القطاعات الاقتصادية الأخرى.
منذ البدء، رافق تبني هذا القرار إجراءات تخفف من حدته، تضمنت استثناءات لأفراد وقطاعات من الزيادة. لكن يبقى التحدي ماثلاً على صعيد معدلات التضخم التي ستطال الجميع. وهنا، يُفترض بالحكومة اتخاذ إجراء يمتص تأثير ارتفاع الأسعار، خصوصا على الفقراء ومحدودي الدخل.
الخبز هو الملف الثاني على طاولة الحكومة. وتشير المعلومات إلى أنها تفكر في تأجيل اتخاذ قرار نهائي بشأنه.
كيفية التعاطي مع الخبز مسألة حاسمة، لدورها في تعديل الانطباع عن الحكومة؛ بأنها بدأت بالبحث عن بدائل تجنبها مواصلة التطاول على جيب المواطن، وبالنتيجة تغيير الانطباع بأنها لا تملك حلا آخر لمشاكلها غير هذا الجيب.
يمكن للحكومة، مثلا، معالجة التشوه في دعم الخبز، لاسيما المتعلق منه بذاك المقدم لغير الأردنيين، من خلال تحصيل قيمة الدعم عبر إضافتها على رسوم تصاريح العمل والإقامة.
أما الخطوة الأهم للحكومة، فهي أن تقيّم منذ الآن نتائج سياسات الإنفاق وبنودها، للتأكد من جدواها، ومدى انعكاسها على حياة المواطن وتشغيل الأردنيين.
كل ما ستفعله الحكومة لا يلغي أن العامين المقبلين سيكونان صعبين على الأردنيين؛ وأن تراجع الضغوط على الأسر الأردنية غير وارد، إلا بعد بدء إنتاج مشاريع الطاقة، وتحديدا ميناء الغاز والنفط في العقبة، ومصادر الطاقة المتجددة، وإنتاج النفط من الصخر الزيتي.
وتحصيل إيرادات للخزينة من دون المساس بمداخيل الأسر، هو غاية. وذلك مدعاة للبحث عن قنوات أخرى للإيراد؛ مثل فرض رسوم على حوالات العمالة الوافدة إلى خارج المملكة التي تقدر بحوالي ملياري دولار سنويا. ويمكن أيضاً زيادة رسوم إدخال السيارات لغير الأردنيين للمملكة.
هذه السبل، وغيرها، تمكّن من توفير أموال جديدة يطلبها صندوق النقد الدولي لتقليل العجز والاقتراض، من دون المس بالأردني.
أما بشأن شعبية مجلس النواب، فهي تتعلق بالصيغة النهائية للتشريعات التي سيُقرّها، ومدى تأثيرها على حياة الناس. قانون الضريبة يحتل المركز الأول في هذا الصدد. ما يفرض على النواب الالتزام أولا بالدستور؛ بجعل الضريبة تصاعدية، ومن ثَمَّ رفض التوصية الحكومية بتقليل الإعفاء الممنوح للأسر حفاظا على الطبقة الوسطى، مع عدم المغالاة في الضريبة المفروضة على القطاعات الاقتصادية وتوحيدها، بغض النظر عن القطاع، على أن لا تزيد على 35 %.
الأهم لتجميل صورة النواب، تعديل النظام الداخلي، بحيث تكون العقوبات صارمة بحق كل نائب يأتي بسلوك لا يليق بالمجلس، في محاولة لمحو الصورة السلبية التي تشكلت عنه بسبب مسلكيات عدد محدود من النواب، وقعت خلال الأشهر الماضية.
المعطيات تشي بأن الحكومة ومجلس النواب باقيان خلال الفترة المقبلة، وتراجع شعبيتهما إلى الحدود الحالية لا يبرر رحيلهما. لذا، من الأفضل أن يمضي الجانبان في الإصلاح؛ لكن هذه المرة بنكهة شعبية.
(الغد)