الاختبار الديني للمسلمين!
جهاد المحيسن
13-11-2013 01:55 AM
يقول الحق تبارك وتعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
هذه الآية الكريمة، تشكل المنطلق الرئيس للمسلمين في نظرتهم للقدس وفلسطين المحتلة، وباقي أجزاء الشام التاريخية. ولذلك، لا يمكن للمسلمين القفز فوق قداسة القرآن الكريم، وموقفه الواضح من مكانة القدس وعموم فلسطين. لكن مع حركة إحياء الخطاب الديني اليهودي للدولة الدينية، ودعمه على المستوى العالمي، بدا من الواضح أنه لا بد من اختبار لهذا النص، واختباره على الأرض لتحقيق حلم الدولة الدينية اليهودية.
فقد مهدت دوائر صنع القرار في أذرع الصهيونية العالمية الطريق له، عندما نثرت بذور الطائفية في العالم العربي والإسلامي، وأشعلت نارها في العراق وسورية ولبنان، ووظفت ما يسمى "الربيع العربي"، لتجزئة المجزأ وتقسمة المقسم، لتصل إلى اللحظة التاريخية المناسبة لجس النبض في نجاح مشروعها السياسي، وفي سعيها لتجذير مفهوم دول الطوائف في العالم العربي، ولتصبح الدولة اليهودية حقيقة على أرض الواقع، طالما أن المنطقة قد أصبح عنوانها الوطني والقومي هو الدولة الطائفية!
وحتى تختبر مدى دقة مشروعها كان لا بد من الاختبار الأهم والأخطر في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، ألا وهو الدعوة لصلاة اليهود ضمن المساحة الممتدة من "كأس الوضوء" حتى الباب الرئيس للمسجد الأقصى، والبالغة ستة أمتار، أو الاقتراب منها؛ وذلك بحسب ما ذكره لـ"الغد" المستشار الأردني للمقدسات والممتلكات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة عبدالناصر نصار.
هذا الاختبار يذكرنا بقصص التوطين الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما بدأت قطعان المستوطنين تصل إلى فلسطين المحتلة. إذ كانت تلك المستوطنات الصغيرة موطئ القدم لقيام الكيان الصهيوني بعد سنوات قليلة.
لكن ما هي ردات الفعل في العالمين العربي والإسلامي على هذه الخطوة الحاسمة في ملف الصراع مع دولة الاحتلال؟ وهل يستوعب المسلمون وشيوخهم وفقهاؤهم ومثقفوهم وقادتهم خطورة هذا التصرف؟ أم أنهم منشغلون بالتأسيس لدول الطوائف والتناحر المذهبي والتفاصيل الصغيرة التي لا تقدم ولا تؤخر في حلقة الصراع مع العدو الصهيوني؟ بل إنها قد تخدم في أحيان كثيرة هذه التوجهات وربما بحسن نية!
المشهد الحالي لحالة التفكك السياسي والاجتماعي في المجتمع العربي تقول إن الفرصة سانحة لتحقيق الحلم بالدولة اليهودية. لذلك، تم جس النبض للجسد العربي والإسلامي الذي يعاني من موت سريري، فوجد "الإسرائيليون" أن هذا الجسد ما يزال في حالة الموت هذه. ولذلك تجرأوا على طلب الصلاة في المسجد الأقصى؛ قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين، من منطق أن دول الطوائف قادمة لا محالة، ولذلك سيكون هنالك مكان تحت الشمس للدولة اليهودية.
(الغد)