المطالب الستة لمعتصمي (الرأي): توكيد دور الأعلام في بعد الأستقرار السياسي
ممدوح ابودلهوم
11-11-2013 02:17 PM
دعونا نُقر،أبتدءً، بأن ما يجري في دارة (الرأي) الدفيئة يؤكد وبصراحة مسننة الحروف، بأن أي ضربٍ من ضروب المجاملة هو وفيما يخُص أزمة (الرأي) تحديداً والصحافة الأردنية تعميماً، ينزلُ في باب الحرام الوطني حتى لانقول الخيانة العظمى – مع أني أميلُ إلى خيار الحكمين معاً!
وبهذا التأكيد يمكن لي كمواطن أولاً وكإعلامي ثانياً أن أشير إلى جملة كوابح وطنية بل وأخلاقية أيضاً، يجب أن يقف أمامها المتسرعون من المعنيين لعلاج أزمة (الرأي) الموقرة،وأعني بهؤلاء الحكومة والأدارة ومن ينوب عنهما طوعاً أو كرهاً خلف الكواليس، أو عبر أبواب الحدائق الخلفية لبيوتات الأعلام الأردني بشقيه الرسمي والشعبي بعامة وصحيفة (الرأي) بوجهٍ خاص.
الكابح الرئيس الأول في إهاب العنوان العريض الأول هو وجوب قراءة الحالة الأعتصامية لشرفاء صحفيي (الرأي) وعامليها المحترمين،على أنها حالة وطنية خالصة مخلصة لوجه هذا البلد الطيب عبر أقنوم النهوض الأعلامي، و بذات القراءة ما ينبغي لأحدٍ كائناً من كان موقعه الرسمي أو شخصه الأعتباري أو حتى غرضه الأخلاقي، أن يزاود على الذوات المعتصمين سيرةً ومسيرةً في ذات الآن .. من حيث أن منطلق إعتصامهم الأنبل وهدفه الأمثل هما وبكل يقينٍ وجدا لأجل حماية المؤسسة الصحفية، من عدوى المانغوليزم التنظيمي وتابعه الترهل الأداري.
. ووصيفه النهج البيروقراطي وما شئت من ردات فعل زلزاله المدمر، والذي لم يخل من التدخل الأمني العبثي بغير لغة والغرضي بغير مقياس..
من هنا ووفق التخريجة أعلاه فأنه ليس بمكنة أي قارئ منصفٍ لمشهد اعتصام كوادر (الرأي) المحترمين، إلا أن يرى إليه مباشرة و دونما أي ممالئة مناقصةً مكشوفةً، مهما تزيّت بغير لبوسٍ أو تخفت وراء سُجُف هي على كل حال ضربً من ضروب العمائية الأدارية، وإلا فهي إن خاننا الحكم آنفاً تبقى مزاودةً مفضوحةً معراةً لم تُحسن التخفي وطنياً و أخلاقياً بعد إذ سقطت عنها ورقة التوت الأخيرة..
أما الكابح الثاني و نراه يوازي الأول و يساجله أهميةً اتساقاً ووزناً أيضاً فهو بأزاء موقع (الرأي)على خريطة الأعلام الأردني من حيث هي صحيفة الوطن الأولى، إذ تتراخى و بهذه المكانة المرموقة المتصدرة العناوين تباعاً في كتابها الوطني الناهض،فالعنوان الأول للباب الأول في كتابها هذا هو يوم التأسيس عام 1971، حيث تجليات الأشادة بالحالة الرمزية لذلكم الحدث الوطني العريق..
أما الثاني فالرمز / الانسان الذي يتقدم هذه التجليات في إهاب صاحب الفكرة مؤسس الصحيفة دولة الشهيد وصفي التل طيب الله ثراه ، العنوان الثالث هو الرمز / المرحلة تاريخياً وسياسياً إذ جاءت (الرأي) أنذاك كي تكون الناطق الانتمائي بإسم المنعطف النوعي تنويراً وتثويراً للدولة الأردنية، عُقب منعطف حالة الدولة المشظاة في الحقبة بين الأعوام (1967-1970)..
لم يستطع وبصراحة رد مجلس ادارة المؤسسة أن يجاري جرأة مطالب المعتصمين الستة:(إقالة المجلس والمدير العام والتحقيق حول المطبعة والتوزيع و وقف تدخل الحكومة وعلاوة خطورة المهنة وتنفيذ اتفاقية عام 2011)،ففي حين جاءت المطالب صريحة شفافة و مباشرة فأن رد المجلس كان دبلوماسياً مفتوحاً على غير إحالة و قد توزع بين اعترافٍ معجل و قرارٍ مؤجل، وفي روايةٍ أخرى يمكنٌ توصيف هذا الرد بأنه إجابات مبهمة على أسئلة صعبة تُركت اجاباتها برسم الهواءالطلق!
أما مردُ ذلك فيما أجزم فهو البون العميق والمتدابر بين الموقفين: مطالب المعتصمين و رد المجلس، ذلك أن المعتصمين ولعدالة مطالبهم فأنهم يصدرون عن موقفٍ قويٍ بتوفرهم على المعادل الموضوعي، الذي يمزج بين مواصلة الاعتصام ومواصلة القيام بواجباتهم تجاه صحيفتهم باصدارها يومياً وعلى الوجه المطلوب..
يقابله موقف المجلس الضعيف وهو موقف لا يحسدون عليه إذ وبذات الصراحة بدا أن دورهم وبالمحصلة، هو فقط أُختزل في نقل المطالب إلى الحكومة/ الضمان في إهاب الوحدة الاستثمارية، لا أن يتحدثوا بإسمهم أو ينوبوا عنهم و اللذين بدورهم سيحيلون المطالب إلى الهيئة العامة لمساهمي مؤسسة (الرأي)..
نسأله تعالىأن يهيئ لأصحاب القرار من أمرهم رشدا، وذلك بأن يسارعوا إلى أتخاذ القرار المناسب المنصف للمعتصمين والذي فيه أيضاً انصاف مسيرة (الرأي) العزيزة، فالذين هم وراء التسويف و يأملون واهمين بأن التعسف وربما التخويف سيضعا حداً للمعتصمين وبالتالي ترك مطالبهم نسيا منسياً، هم ليسوا بالمطلق محيطين بأهمية وسمعة ومكانة (الرأي) ودورها النوعي الأهم تنويراً و تثويراً في الأردن والأقليم و على الصعد كافة ..
وبذات القراءة لا يدركون حجم أزمة (الرأي) بعنوانها الأعتصاميّ هذا و الذي يصب وسيلةً و غايةً في ذات المصب آنفاً ، فإن سقطت (الرأي) لا سمح الله من حيث هي صحيفة الوطن الاولى أولاً ومن حيثً هي ثانياً ووفق أدبيات الأعلام الوسيطة المثلى للتغيير في الأردن، فذلكم إنما يعني لا قدر الله سقوط ركنٍ أساسٍ رئيس من أركان معمار الأصلاح الشامل..
الحجاب الحافظ، ختاماً، هو في إهاب تدخل جلالة الملك سيد الركب وراعي المسيرة حفظه الله، وذلك تلبيةً لنداءات المعتصمين واستجابةً لدعوات المخلصين في غرفتي التشريع البرلماني النواب و الأعيان، إذ نعلم جميعاً علم اليقين أن أزمة (الرأي) هي أزمة وطن نخشى لا سمح الله أن تشوه وجهه المليح، وبذات الخشية تخلفُ لا قدر الله ندوباً قبيحة على خارطة نهوضه وبالتالي على رسم أستقراره السياسي.