طبعا، لم اكن اعلم أن اسم الشارع الذي أذهب و»أحوس وأتسنكح» فيه منذ عشرين عاما «شارع قريش»، وأتحدّى أحدا باستثناء الدائرة المعنيّة في امانة عمّان كان يعرف أن الشارع الخلفي الموازي لشارع «طلال» يحمل اسم «قريش»، قبل ان تقرر «الأمانة» أمس الأول إغلاقه أمام حركة السيارات، ليتحوّل برغبة من أمين عمّان عقل بلتاجي الى «هايد بارك» للبالة والانتيكات و»الهش والنّش» و»كرابيج الحلب» وبيع المجلات والكتب القديمة والمتآكلة و»المقرومة» وغيرها من السلع اذْ يعود بعضها الى القرون الوسطى.
كانت عمّان «نائمة» عندما خرجتُ «الجمعة» مع نقرات على زجاج السيارة من قِبَل الزائر «خفيف الدم» المطر الناعم.
قلتُ «بشارة خير» وأنا أتفاءل بالمطر «الطازج» الهباط للتوّ من السماء التي راودتها الغيوم عن صحوها.
سرتُ بحذر شديد، ملتزما بتعليمات الجهات المعنية بضرورة «توخي الحيطة والحذر»، وأنا كائن مسالم أصلا، أمشي الحيط الحيط واقول يارب الستيرة!
عبرتُ منطقة «العبدلي» التي ازدحمت بالسيارات الفخمة على جانبي الطريق. وحسدت أصحابها على نشاطهم وصحوهم المبكّر «قبل الثامنة صباحا». وتابعتُ رحلتي الى «وسط البلد».
كانت الأُمور تبدو طبيعية، وقلّة من الاولاد قد عادوا بعد ان انتهوا من بيع «عصافيرهم وطيورهم». تخلّصتُ من سيّارتي، وسرتُ مبهورا تحت قطرات المطر الناعمة، ودلفتُ الى «مطعم هاشم» وتناولتُ «سندويشة فلافل» ويممتُ شطر «شارع قريش». وكلي فضول باعادة «التعرّف إليه».
كان رجال السير ينتشرون على امتداد شارع «طلال» ينظمون حركة السيارات القادمة والمغادرة. ثم اتجهتُ يسارا صوب «منطقتي المفضّلة» التي تعرفها العامة بـ «سقف السّيل». فهالني ما رأيت.
المنطقة مزدهمة بأصحاب البسطات. وما كان يُباع على الأرصفة صار في منتصف الشارع الذي اختفت منه السيارات والباصات. فتجوّلتُ ومارستُ هوايتي بكل حرية. وتذكرتُ المناطق المشابهة في الدول الاوروبية والعربية التي زرتها، إذْ يتركون يوم «العطلة» لأصحاب البَسْطات لبيع ما رخُص وما ندر من الاشياء.
قلتُ إذن هذا هو «شارع قريش» وسعدتُ بقرار أمين عمان «بلتاجي»، إذْ لا مزاحمة من السيارات والباصات والكونترولية.
قفزتُ مثل الأرنب النشط بين البسطات والتقطتُ ما سمح به وضعي» المالي»، واكتشفتُ أن الساعة لم تتجاوز العاشرة والنصف صباحا.
أما ماذا اشتريت، فتلك حكاية أُخرى!
(الدستور)