التخبط الزراعي .. الى أين !؟
مثقال عيسى مقطش
09-11-2013 12:28 PM
يرزخ واقع الزراعة في الاردن بين سندان عدم وضوح الرؤية والتخطيط ، وبين مطرقة الابتعاد عن الية مرنة ، للتعامل مع المعطيات المحلية والظروف الغذائية الاقليمية والعالمية .. وان كافة التقارير المتعلقة بمنظومة الامن الغذائي العالمي ، تؤكد على تواصل ارتفاعات الاسعار وتراجع منتج القمح ، مما يعكس عدم التوازن بين العرض والطلب .. وان جميع المرئيات تقودنا الى طرح السؤال : ما هي مقومات منظومة التنمية الزراعية محليا بين الواقع والطموحات !؟
مشكلتان ازليتان في الاردن هما الاولى : المياه .. والثانية : الزراعة . وكلاهما متكاملتان ، وللعنصر البشري دور رئيس فيهما . الاولى من المتوقع ان تكون حلولها الجذرية قد اصبحت " قاب قوسين او ادنى " ضمن استراتيجية العمل التي وضعتها الحكومة ، وفي مقدمتها مشروع مياه الديسي . والثانية تعتمد على همة الحكومة والشعب والقطاع الخاص.
وجلالة الملك سبق ان قال في توجيهاته : " ان استراتيجية تطوير القطاع الزراعي تتطلب عملا يمتد سنوات " ، وفي التوجيهات الشمولية اكد جلالته على " وضع البرامج التنفيذية للوصول الى الاهداف ، وضمن جدول زمني محدد " .
ويطفو على السطح بين الفينة والاخرى ، خطوات هادفة نحو اخراج الزراعة وتراجعها من عنق الزجاجة ! والسؤآل المباشر هو : لماذا وكيف ومتى بعد ان كانت ميزة في اقتصاداتنا الوطنية !؟ صحيح ان الطرق والاساليب كانت بدائية ايام الاجيال التي سبقتنا ، ولكن كانت الزراعة مصدر فخر واعتزاز لأبائنا واجدادنا !! والوجه الآخر للمشكلة ، هو هجرة الناس من القرية ، والعزوف عن العمل في الزراعة .
ان الفرصة مواتية للاستفادة من تجربة الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الاردنية في تنويع المزروعات ، بما يتناسب مع نوعية التربة والاحوال المناخية وشح المياه في المواقع الزراعية. وان التوسع في تعزيز تجربة الصندوق الهاشمي ، هو اثبات اننا قادرون على التأقلم زراعيا ، وتحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع ، وبما يعيد للزراعة مكانتها في اقتصادات الوطن واخراجها من عنق الزجاجة ، واعادتها الى سابق مجدها ، مع تحقيق حداثة اكثر في المواصفات والجودة التنافسية !
ان الرؤية محددة والرسالة واضحة .. وكلاهما يلتقيان في محاور متكاملة لا يمكن ان تكون متقاطعة ، ونقطة الانطلاق اننا نتطلع الى " منظومة للتنمية الزراعية " وآليات عمل تعكس برامج واضحة ومحددة ضمن خطة لاعادة الزراعة الى سابق امجادها ورونقها . وان يفهم المواطن الاردني ما هي هذه المنظومة او الخطة ، والى ماذا تهدف بالارقام وما هي الفترة
الزمنية لكل مرحلة في التطوير .. وكيف سنحقق رؤية " العودة الى الارض " وتعزيز مفهوم بقاء الفلاحين فوق اراضيهم في الريف والسهول والوديان والجبال الاردنية ، طالما تغنّوا بانتاجها وجمالها وعطائها !! وهل ينتهي حال التخبط الزراعي باقرار منظومة تنموية محددة المعالم !؟