ندري أن هذه معادلة ناقصة منقوصة من طرفيها، ولن تكتمل أبداً ما عشنا مثل هذه الحياة، معادلة لن تتوازن أو تستقر إلى ثبات محسوس، فالأسماء في الطرف الأول تطول وسيطول حصرها وعدها، ويصعب وقد كتبتها بالدم المبثوث على أطراف الشوارع، فيما القيمة في الطرف الثاني، ستظل دوماً أكبر بكثير من دموعنا الحارقة، وأحزاننا المتجددة وغضبنا العارم!!. صعقت حد شغاف الوجع إذ أرى صديقي يسار الخصاونة ينعى على التلقاز أطفاله الثلاثة: زيد ويحيى والعنود، وكانوا من بين ضحايا كارثة جرش عمان المروعة، وهالني أن لا يتعرف على فلذات كبده الأبرياء، إلا بالرائحة ووشمات حبهم على جدار قلبه الكبير، فهرعنا إليه يغالبنا دمعنا، مشهرين حقدنا على قاتل صاخب بات يعيث فينا موتاً بشراهة سرطان عجول، ويحصدنا بمنجل مسنون، وبلا مبالاة لا تضرب على يدها!!.
وكما عرفنا يساراً وخبرناه فقد كان أقوانا، وأشدنا إيماناً واحتساباً، وبات يصبرنا ويشد من أزرنا ويكفكف دمعنا، ويقول ما يرضي الرب: إنا لله وإنا إليه راجعون، فرحمة الله على طيور جنتك زيد ويحيى والعنود، ورحمة الله على كل ضحايانا في تلك المعركة الغادرة غير العادلة!!!.
ولكن: إلى متى نبقى نتعامل مع كوارث الشوارع بنظرية الساعة المنسية؟؟؟!!، فما أن نواري قتلانا بطن التراب، أو يبرد جرحنا الجديد حتى نعود لمثل طيشنا ولا مبالاتنا، واستهتارنا بالحياة وقيمها ورمزيتها، ناسين أو متناسين دموعنا المدرارة الواخزة، وإلى متى نبقى نتفاخر بعدد سيارات الإسعاف التي تنقل قتلانا من موقع المعركة، فالأجدر أن نفتخر بعزمنا وقدرتنا على وقف مثل هذه الكوارث!!.
إلى متى تبقى الحياة في نظرنا تافهة وغير ذات قيمة، وإلى متى يبقى الإنسان في مفهوم بعض الشركات (بريزة) أو ديناراً أو تذكرة سفر، وإلى متى هذا اللهاث والجشع في التسابق لاصطياد البرايز؟!، وإلى متى تبقى السرعة هاجسنا الأول والأخير؟!، وإلى متى يبقى التجاوز الخاطئ بطولة كبرى؟!، وإلى متى نبقى نطبطب على ظهور بعضنا، متفاخرين بأن فنجان قهوة يمسح دم قتيل، وينهي معاناة ثكلى، ويكتم جرح مصاب؟!، وإلى متى ستظل ثقافتنا دونية تقصر أو تعجز عن إدراك معنى الحياة؟؟!!.
كنت تمنيت أن تبادر الحكومة إلى إعلان يوم حداد وطني على ضحايانا، حتى تكون كارثة جرش عمان بداية النهاية لمثل هذا الإرهاب المروري اليومي، وأطالب أن نكون أكثر صدقاً مع أنفسنا، حين نلامس جذور مشكلتنا، وحين نقترح حلولاً وعلاجاً لها، وأدري أن العلاج سيكون مؤلماً، ولكننا بحاجة إلى أن نتآزر ونتكاتف وأن نضرب على يد تهدد حياتنا وتروع أمننا!!.
نقف مع صديقنا يسار ومع أهلنا الذين فقدوا أحبتهم وأبناءهم وأصدقاءهم، ونسأل الله أن يلهمنا وإياهم الصبر والسلوان!.
ramzi972@hotmail.com