البدايات يصحبها التفاؤل، ولدينا بدايات جديدة: رئاسة جديدة لمجلس النواب مع بداية الدورة الثانية من عمر المجلس، وعطلة 3 أيام طيبة مع بداية السنة الهجرية الجديدة.
بالنسبة لي شخصيا، فقد بدأت الجلسة الأولى لمجلس النواب بمفاجأة طيبة، إذ قدّم لي النائب يحيى السعود اعتذارا علنيا أمام المجلس. وقد قبلت الاعتذار، وقررت أن أسحب الدعوى القضائية المقامة بحقه، مستأذنا ومستسمحا أبناء دائرتي الانتخابية، وعموم الأردنيين الذين ساءهم وأغضبهم الاعتداء الذي تعرضت له تحت القبة في المجلس السادس عشر. وهو أعلن أنه سيكون "حملا وديعا"، وأنا أقول للزميل الذي لا أحمل له إلا كل نية طيبة، إننا لا نريد في المجلس لا حملانا ولا ذئابا، بل فرسانا للحق. والفارس يكون شجاعا ومقداما، ويكون في آن معا رفيع الخلق شديد التهذيب.
تفاءلت بهذه البداية، وبإدارة الرئيس الجديد الزميل عاطف الطراونة للجلسة الأولى؛ فقد أظهر اقتدارا جمع بين الحزم وسعة الصدر. وكان المنافسون له في انتخابات الرئاسة قد ساهموا في تعبيد الطريق أمامه، وخلق أجواء إيجابية حوله.
ففي الجولة الثانية، انسحب المرشح الذي يليه بالأصوات، النائب عبدالكريم الدغمي، مجنبا المجلس جولة انقسام ومنافسة قاسية، ومعلنا الدعم والوقوف بكل إخلاص مع الرئيس الجديد لإنجاحه في مهمته.
وكذلك فعل الرئيس السابق سعد هايل السرور؛ الذي قبل الخسارة بكل روح رياضية، وأكد أنه سيدعم الرئيس الجديد من أجل نجاحه ونجاح مجلس النواب، فلا يخذل أمل الشعب والقائد به. ورد الرئيس المنتخب على الكلمات الطيبة بأحسن منها.
وصفق النواب مرارا للكلام الطيب، وقد فعلوا ذلك أيضا عند اعتذار النائب السعود وقبولي الاعتذار، بما يبشر بتنقية الأجواء في المجلس، وتسوية التوترات الشخصية.
ولعل الصدمة التي تركتها حادثة إطلاق النار، كان لها أثرها في وعي الجميع. وهي، مع تغيير النظام الداخلي لمجلس النواب، ستنعكس على شكل أداء أكثر احتراما للذات، وأكثر إقناعا للجمهور.
التحدي المقبل هو تشكيل لجان المجلس. وقد التقى رئيس المجلس بالكتل، وأبدى الجميع الرغبة في التوافق على قاعدة الكفاءة والتخصص لعضوية اللجان وقيادتها.
لكن النوايا الطيبة لن تحل المشكلة؛ فالطموحات الشخصية ستحكم مواقف الكتل بصورة لا يمكن التسوية بينها، ما يعني أن نذهب لانتخابات. وتخيلوا أن هذا يعني انتخاب 220 عضو، بواقع 11 عضوا في 20 لجنة، وهذا ليس واقعيا. وحتى لو خرجت بعض اللجان بالتزكية بسبب قلة الإقبال عليها، فإن الانتخابات للجان الرئيسة تعني الضرب صفحا عن الكفاءة والتخصص وعدالة توزيع العضوية على الكتل.
وقد تخرج بعض الكتل من دون أي تمثيل في اللجان، ما يضرب أُسّ الإصلاح في المجلس، والذي يفترض انتقال مطبخ العمل من الجلسات العامة إلى اللجان التي تتمثل فيها كل مكونات مجلس النواب، وحيث كل عضو يمثل كتلة يعود لها ويضعها بصورة الموقف في اللجنة، ويأخذ منها الآراء حول المطروح؛ فيكون كل المجلس شريكا سلفا وقبل الاجتماعات العامة، في كل ما يجري.
وقد فتح النظام الداخلي بابا لهذا البديل، إذ نص على التمثيل النسبي للكتل في اللجان في حالة التوافق.
إذ يمكن بكل بساطة توزيع عضوية اللجان وفقا لهذه القاعدة، فتنسب كل كتلة بمن يمثلها لكل لجنة على قاعدة التخصص. وبعد إنجاز هذا العمل، يتم الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول توزيع رئاسات اللجان. فإذا تحقق التوافق، كان به؛ وإلا سيذهب الأمر في كل لجنة إلى تفاهمات كتلوية أو فردية لرئاسات اللجان.
(الغد)