يبدو أن فضيحة التجسس الأميركية على الهواتف الخلوية لـ200 مسؤول في أوروبا والعالم منهم 35 زعيماً ومنذ العام 2006.. هي الآن في طريقها إلى الإنطفاء والتلاشي كجميع الفضائح الأميركية المغفورة الأخرى.

ففي مثل هذه الأيام التشرينية قبل نحو خمسين عاماً وفي لحظة إحباط من نتائج الحرب الفيتنامية قررت واشنطن قطع ذراعها في سايغون.. الرئيس الفيتنامي الجنوبي (نغو ديمه ديم) وعلى الرغم من ولائه الشديد للولايات المتحدة فقد قامت بقتله وجاء هذا القتل بأيادي جنرالاته المدعومين من السي أي إيه.

ثم فضيحة الرئيس الأميركي (بل كلنتون) مع المتدربة (مونيكا لوينسكي)، والتي إنتهت بجملة كلينتون الممجوجة: (لم تكن لي علاقه جنسية بهذه الآنسه..)، ثم فضيحة (إيران غيت)، فقد إعترفت واشنطن فيما بعد بأنها كانت تمد الطرفين المتقاتلين العراق وإيران بالسلاح، والهدف أعلن عنه وزير الخارجية الاميركية الاسبق (هنري كسنجر) مؤخراً وهو: إدامة الحرب لأطول مدة ممكنه لإنهاك الطرفين ثم الإنقضاض عليهما في النهاية الواحد تلو الآخر، تماماً كما جرى في غزو العراق عامي 1991 و2003..، ويجري الآن في سوريا في هذه الأيام..، ثم فضيحة مقتل الرئيس (جون كيندي ) والتي بالنهاية إنتهت بأن القاتل مجهول..!

ومع أن واشنطن ضُبطت بالجرم المشهود (التنصت) هذه المرة، إلا أن صوت الرؤساء والمسؤولين الأوروبيين كان خافتاً، فلم يجرؤ أي رئيس أوروبي بالإتصال مع الرئيس الأميركي باراك أوباما للتذمر من هذه الفعله السيئة ومع حلفاء، بإستثناء المستشارة الألمانية (إنجيلا ميركل) التي قالت لأوباما: إن الثقة بين دولتينا تم الإضرار بها..، ويرد أوباما: إنه لا يعلم شيئاً عن الموضوع واعداً بإجراءات أخرى أكثر سريّة..، وختم مكالمته الهاتفية مازحاً: (يمكنك سيدتي الإتصال مستقبلاً من هاتف جارتك..!)

أما باقي الرؤساء الأوروبيين وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولاند) فاكتفى باطلاق تصريحات خجله.. وغامضة منها) :إن أول قاعده من قواعد السلوك بين الحلفاء أن لا نراقب بعضنا بعضاً، وأن لا نتجسس على الهاتف المحمول لأيٍ كان في القمم الدولية)، بينما كثير من رؤساء دول أوروبية بطلب (توضيحات) من الحليف الأميركي..!

و الغريب العجيب..فجميع الدول العربية رؤساء وأحزابا ونقابات وغيرها لم تأبه بهذه القضية على الرغم من أن التنصت الأميركي طال أكثر من رئيس ومسؤول عربي ومن حلفائهم أيضاَ..!

صوت واشنطن منذ بداية هذه الفضيحة وحتى كتابة هذه السطور كان عالياً أثناء تقديمها لدفوعاتها ومن جملة ما قالته: إن جميع الدول تتجسس على بعضها وحتى على حلفائها ومنها دول أوروبية.. نعترف بالتجسس على كثير من الدول وبصورة عشوائيه.. والكل يتجسس منا على الآخر.. ونحن مستمرون في جمع المعلومات المطلوبة للحفاظ على أمننا وأمن حلفائنا وهذا يعني أن التجسس الأميركي على الحلفاء مُباح..!

كجميع الفضائح الأميركية السابقة الأخرى، لقد أصبحت فضيحة التجسس هذه من الماضي..، والنتيجة فإن (واشنطن وأخواتها) مدمنات على التجسس والتنصت والغرق في الأوحال الأخرى والخروج منها بسلام، وكأن شيئاً لم يكن.. (لا أحد أحسن من حدا) في عالم مستباح.. وليس لنا..!؟
(الرأي)