أسبوع حيوي .. يثري الفكر ويعزّز الحوار
الاب رفعت بدر
07-11-2013 03:36 AM
«الحرية والصحافة والدين» هو عنوان لمؤتمر عُقد في عمّان قبل أيام، وقد دار حول هذا المثلث المهم في حياة البشر منذ أقدم العصور: فالحرية هي القيمة الأساسية في حياة الانسان، وخلق الله تعالى الانسان حراً، وجاءت الصحافة لتعطي للانسان دوراً ومساحة للتعبير عن نفسه، ولكي يستخدم هذه الحرية بطريقة مسؤولة ويعبّر عن مكنوناته كفرد وكمجتمع. أما الدين فهو المكوّن الثالث للمؤتمر، وهو لا يحد من حرية الانسان وانّما يدعمها ويجعلها أكثر مسؤولية وجدية وخدمة للأسرة البشرية، وهو كذلك لا يحد من دور الصحافة، بل يستخدمها لما فيه دعم للحرية ولسائر القيم الروحية والانسانية.
الملفت في هذا المؤتمر تشارك عدد من المراكز لتنظيم مؤتمر واحد: المعهد الملكي للدراسات الدينية ومؤسسة فريدريش ناومان والمعهد الاردني للاعلام ومركز «سكايز» للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية، وهو أمر لطيف يدعو الى تقليص عدد المؤتمرات، في «غابة» الدعوات التي تأتي للشخص في كل شهر، وثانياً يأتي لتشجيع وتطوير قيم الحوار المدني والفكري وحتى الديني بين مختلف المراكز وجمهورها.
بيَن المتحدثون في المؤتمر أنّ هنالك العديد من القضايا التي تعمل الصحافة على تشويه الحقائق الدينية فيها، وانّ هنالك حاجة الى مصالحة بين الطرفين، عوضاً عن الدخول في فوضى العلاقات والضوضاء.
والضوضاء هي تلوّث بكلّ معنى الكلمة. لذلك عُقِد مؤتمر آخر في عمّان أيضاً هذا الاسبوع بتنظيم من مديرية التربية والتعليم للواء قصبة عمان، بعنوان: التلوّث الضوضائي
وأثره على صحة الانسان. وقد دعي رجال دين إليه، لماذا؟
لأنّ التلوّث الضوضائي الذي هو باختصار الاصوات المزعجة التي تصدر من اي مكان، وبحاجة الى توعية شباب اليوم وتربيتهم على قيم السكينة والهدوء. ويلعب الدين هنا دورا أساسيا لا بديل عنه. وهو يذكر ببُعد المحبة والتفكير بالغير، وهما مخدوشان من خلال الفوضى والضوضاء التي لا تعير للاخرين ولا لمشاعرهم اعتبارا. وكذلك للدين دور في توضيح بعض الممارسات التي تمسّه ولا تنتج الا الضوضاء. وقد تم في الآونة الأخيرة استخدام بعض الرموز الدينية لإحداث الفوضى والضوضاء، وكمثال على ذلك ما تم الاحتفال به الأسبوع الماضي - أي الهالوين، وفي أكثر من قاعة في الأردن، كان هنالك استخدام الأقنعة الشيطانية التي تشوّه التديّن السليم وتعبّر عن فوضاها وهروبها من الواقع الذي لربّما مرير للكثير من الشباب فيحاولون التعبير عن هروبهم بممارسات غريبة تناقض عاداتهم وتقاليدهم وتعاليمهم الدينية.
كما ترون في أسبوع واحد تختلط التعابير وتتشابك الأفكار، من الحرية والتعبير والصحافة والدين، إلى التلوّث الضوضائي، إلى الهالوين وما يحدثه من إزعاج للفكر والانسان. الا أنّ الأمر الايجابي الأهم هو أنّ مجتمعنا حيوي ويبرهن يوماً بعد يوم أنّه يعزّز المفاهيم الفكرية ويعمل على تقوية الحوارات المثرية.
وهذا الواقع يجعلنا نفخر بما جاء في خطاب العرش السامي في أول يوم من أيام هذا الأسبوع الحافل، ففيه قال صاحب الجلالة: «عند الحديث عن الحريات العامة وحق الإنسان في التعبير، فإننا نؤمن بتعزيزها قولا وعملا، على أن يرافق ذلك الشعور بالمسؤولية والموضوعية واحترام الرأي الآخر». وكذلك قال جلالته: « نؤكد على مسؤولية وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وأهمية التزامها بالمهنية والحيادية، بعيدا عن ترويج الإشاعات والتشهير، والعمل من أجل أولويات المواطن وقضاياه، وبما يثري التعددية الفكرية».
(الرأي)