موريتانيا و أمريكا ,, سياسة المصالح *محمد الحسن الإمام
mohammad
04-11-2013 02:40 PM
لا يخفى على الناظر و المحلل للعلاقات البينية ما بين الولايات المتحدة و الجمهورية الإسلامية الموريتانية أن هذه العلاقات أصبحت وطيدة في الآونة الاخيرة و ما يشهده البلدين من زيارات متبادلة دليل على ذلك , و يتبادر إلى الذهن , لماذا هذا الانفتاح و التعاون الوطيد؟؟ .إن الجواب على هذا السؤال يقودنا إلى فهم العلاقات الموريتانية الأمريكية ,و التي تحكمها المصالح المتبادلة بطريقة بحته .فالولايات المتحدة الامريكية و كما هو معلوم للجميع هي القوة الكبرى في العالم و قد بدأت و بشكل جلي تتدخل في ما بات يعرف بالصراع الفرنكوفوني الأمريكي على منطقة المغرب العربي أو بالأحرى منطقة الصحراء و الساحل بشكل عام.
موريتانيا و التي مرت بفترات حكم مختلفة و رؤساء و عانت من الانقلابات العسكرية و تبعاتها على العلاقات الخارجية , كانت في آخر انقلاب عسكري تتصرف بمنطق مغاير , فلم تعد هي الدولة التي يسيرها العسكر و تحتاج الى أي اعتراف خارجي , بل و أصبحت تتعامل بمنطق فرض الذات خصوصا بعد الانقلاب الأخير , 6 اغسطس 2008 , و الذي قوبل بالرفض من قبل الولايات المتحدة على لسان تود موس مساعد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية و رئيس البعثة التي استقبلها ولد عبد العزيز في لقاء مطول .تلى ذلك تجميد و قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل و هو ما قوبل أيضا برفض فرنسي أمريكي تلاه تجاهل موريتاني, هنا نجد أن النظام الموريتاني رجح كفة التأييد الشعبي , و بعد الانتخابات نجد الولايات المتحدة بدأت بالاعتراف بالسلطة الحاكمة.لتعود المياه ضمنيا الى مجاريها في ما بعد , و لكن ذلك لم يدم طويلا فسفيرة الولايات المتحدة في نواكشوط جو الين باول , لطالما صرحت بتصريحات لم تلق ذلك الاستحسان من طرف النظام الموريتاني أو من طرف الشعوب و اتهمت كثيرا بالتدخل في الشؤون الداخلية.و تبقى حاجة موريتانيا إلى الولايات المتحدة هي سيدة العلاقة , فموريتانيا دولة من الدول التي تتلقى مساعدات من الولايات المتحدة و تتطلع الى محاولة تنمية العلاقات الاقتصادية خصوصا و أن موريتانيا تتمتع بموقع استراتيجي هو الأقرب الى الولايات المتحدة و ميزات اقتصادية فريدة من نوعها و تعتبر أمريكا شريكا في التنمية.
أما حاجة الولايات المتحدة لموريتانيا فهي من الأهمية القصوى بمكان , فموريتانيا و طبقا للدراسات الطبوغرافية و الاستراتيجية هي الاقرب في أفريقيا الى أمريكا و تتمتع بموقع أستراتيجي من الناحية العسكرية مما يجعلها رهانا كبيرا للولايات المتحدة في مواضيع التعاون العسكري. فالولايات المتحدة تسعى إلى انشاء قاعدة عسكرية برية في منطقة غرب افريقيا لتكون قيادة للقوات و قد قدمت فعلا طلبا للحكومة الموريتانيا مع العديد من الميزات إلا أن الطلب قوبل بالرفض المطلق من الحكومة التي ترفض أي تواجد أجنبي لقوات أجنبية على أراضي البلاد. و تمتد الحاجة لموريتانيا كحليف عسكري استراتيجي خصوصا بعد التحديثات العسكرية التي حدثت للجيش الموريتاني و كونه من أقوى القوى في المنطقة , خصوصا في جهود مكافحة الإرهاب .يظهر ذلك جليا في المناورات العسكرية الأخيرة (أفلينيتلوك) التي نظمتها قيادة أركان الجيوش الموريتانية بالتعاون مع الجيش الأمريكي و غيره من الجيوش .إن موريتانيا و باعتبارها من نوادر الدول التي نجحت فعلا في مكافحة الارهاب و إنهاء تهديده نهائيا على البلاد , تكون من أهم من يعتمد عليهم في المنطقة في هذا الشأن. كما أن الدور السياسي في غرب و شمال أفريقيا لموريتانيا يعتبر مهما جدا للسياسة الخارجية الأمريكية خصوصا أن موريتانا من الفاعلين السياسيين على الساحة بشكل كبير خصوصا في قضية الصحراء الغربية و قضية أزواد. و موريتانيا تعتبر مكانا خصبا للإستثمارات الإقتصادية خصوصا المتعلقة بالطاقة و التعدين و توريد الواردات و هو ما تسعى الحكومة الأمريكية إليه من خلال الشركات التي تتواجد في المنطقة.
و بناءا على ما سبق فالولايات المتحدة تسعى لأن تكون فاعلا لا مشاهدا في المنطقة و طريق ذلك بمحاولة التقارب و تنمية العلاقات مع الفاعلين من أجل ضمان المصالح و تسييس السياسات و التحكم بالازمات بما يخدم المصالح الأمريكية.