تحت ضغط شعبي ، وربما رسمي أيضاً ، قررت فضائية سي بي سي المصرية وقف برنامج باسم يوسف مما أثار ضجة كبيرة في وسائل الإعلام العربية والاجنبية ، ورأى فيه كثيرون اعتداء على حرية الرأي ، ودليلاً على أن صدر النظام الجديد يضيق بالرأي الآخر.
يستذكر البعض أن باسم يوسف كان قد قسا على الرئيس السابق محمد مرسي وسخر منه دون أن يوقف برنامجه ، فلماذا يضيق صدر النظام الجديد فيتصرف بعصبية ولا يتحمل النقد.
بداية لا بد أن نذكر بأن السلطات المدنية والعسكرية المصرية لم تعترض على باسم يوسف ، ولم تحرك ساكناً ضده ، وإن كانت قد استاءت مما ورد في برنامجه الاخير. الجمهور المصري هو الذي هاجم باسم والمحطة الفضائية وحاصرها وطالب بمقاطعتها ، كما رفع البعض قضايا ضده بتهمة القدح والذم ، أي أن الضيق بالرأي المخالف جاء من جانب الشعب المصري الذي يحتل الجيش مكانه خاصة لديه ، ولم ترسخ عنده ثقافة الديمقراطية والتعددية وقبول الآخر.
ما يؤخذ على باسم يوسف أنه وصف بلده مصر بالمرأة اللعوب ، وسخر من الجيش المصري وقائده ، وأدعى أن المصريين لا يعرفون اسم الرئيس المؤقت أي أنه نكرة ، وفعل كل هذا بطريقة تهريجية قد تثير الضحك ولكنها تلامس نقاطأً حساسة.
المهم أن ما أخذ على باسم يوسف ليس الراي الذي أبداه ، فهو لا يغير شيئاً. ما أخذ عليه هو السخرية من رموز الدولة المصرية التي يجوز بل يجب نقدها ولكن لا تجوز إهانتها أو السخرية منها ، فالجيش خط أحمر ليس في مصر فقط بل في غيرها أيضاً.
وهنا لا بد من ملاحظة أن المحطة الفضائية مملوكة لرجل أعمال ، وأن الهدف من البرنامج الشعبي هو جذب الإعلانات التي تصل حصيلتها إلى مليون جنيه في الحلقة الواحدة ، وبالتالي فإن الرجل له مصالح تفرض عليه مجاملة السلطة والرضوخ للضغوط الشعبية إضافة إلى ما يقال من أن باسم يوسف عندما لاحظ نجاح برنامجه طالب المحطة بمبالغ مالية تزيد عما ورد في عقده.
ما فعله باسم يوسف يستحق النقد والاعتراض وغضب بعـض المواطنين ، ولكنه لا يستحق التوقيف. وستكون خطوة رائعة وذات مغزى لو تقدم الفريق السيسي نفسه بالدفاع عنه ، وضغط من أجل استمرار برنامجه ، فيسجل موقفاً يحسب له.
من حق الإعلام أن يكون حراً في طرح الرأي والرأي الآخر ، كما أن من يقبل المسؤولية يجب أن يتحمل الانتقادات مهما كانت قاسية ، ولكن كل حق له حدود. فهل تجاوز باسم يوسف حدوده أم أن الهجمة عليه هي التي تجاوزت كل الحدود؟.
(الرأي)