رئاسة النواب .. إئتلاف (و،و) وكولسات اللحظات الأخيرة
03-11-2013 10:03 PM
عمون – وائل الجرايشة – حملت انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم التي جرت الأحد في مستهل انعقاد الدورة العادية الأولى لمجلس النواب السابع عشر مفاجآت عدّة.
فخسارة رئيس مجلس النواب السابق سعد هايل السرور كانت مدوية بعد خروجه من الجولة الأولى في المنافسة المحتدمة ، بينما فاز إئتلاف (وو) كما أطلق عليه نواب إئتلاف كتلتي (وسط وطن).
وتُعدُّ هذه المنافسة من أقوى انتخابات الرئاسة التي يشهدها مجلس النواب منذ سنوات، اذ أن المرشحين الثلاثة (السرور ، وعبد الكريم الدغمي وعاطف الطراونة) ذوو نفوذ داخل المجلس.
الثقة بين النواب والمترشحين لم تكن عند بعضهم على أكمل وجه والخشية من نتائج المنافسة ظلت تعتريهم، حتى أن نواباً صوّروا الاسم الذي انتخبوه في "معزل التصويت" عبر اجهزتهم الخلوية من أجل تعزيز الثقة.
مع بدء فرز الأصوات ظهر تقدم واضح للمترشح النائب عاطف الطراونة وأخذ مساحة مريحة عن اقرب منافسيه، قبل أن يتسع الفارق لاحقاً ويتبين حسم الطراونة لمقعده في الجولة الثانية واقتراب النائب عبد الكريم الدغمي من خط اللحاق به بينما بدت ملامح الدهشة على السرور.
انجلت الصورة وحسم النائبان الطراونة والدغمي مقعديهما في الجولة الثانية بسبب عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة للحضور (النصف + 1) والتي كانت تتمثل بحيازة المرشح على (73) صوتاً وهو أقل بـ (13) صوتاً من الذي حصل عليه الطراونة .
وبينما أخذت اللجنة المشرفة على الانتخابات التحضير لاعلان النتائج والاصوات التي حصل عليها المترشحون ، والبحث عن ورقة مفقودة ، كانت ميمنة المجلس تعج بالنواب الذين تجمهروا حول المترشح النائب عبد الكريم الدغمي.
الدغمي كان في ذهنه شيء ما يدور في عقله منذ اعلان المترشحين رغبتهم في الترشح، كما أنه لا يريد لنفسه خسارة بعد فوز (رئاسة الدورة الثانية لمجلس النواب السادس عشر) ، فانحسرت الخيارات عنده بعد سعي حثيث من نواب عملوا على إقناعه بالتنازل عن الجولة الثانية وهو القرار الذي كان يميل إليه.
بحسب المعلومات التي حصلت عليها "عمون" مما دار في الحوارات الساخنة واللحظية بين عدد من النواب والدغمي ، فإن برلمانيين حثّوا الدغمي على التنازل وأشاروا إليه بالفارق الصوتي، وهي الملاحظة التي اشار اليها النائب محمد القطاطشة (كتلة الوسط) الذي اندفع الى الدغمي وتعهد له بأن يترك الطراونة له المقعد في الانتخابات المقبلة و"هي قريبة" كما قال للدغمي.
النائب سعد البلوي رفض فكرة تنازل الدغمي وطلب منه عدم الاقدام على هذه الخطوة، فرد عليه عدد من النواب منتقدين مقترحه ، بينما قال النائب رائد الخلايلة "إنها ديمقراطية" في سعيه لثني الدغمي عن الأخذ بالمقترح ، لكن النائب مفلح الرحيمي طلب التهدئة وهنالك من دعا لاجتماع خارج القبة، لكن الوقت لم يسعف في تنفيذ مثل هذه التوصية.
الدغمي سمع نصيحة من أحد أقرب المقربين له (النائب مفلح الرحيمي) وهو يغمز من قناة الأخذ بمقترح مؤيدي الطروانة الداعي للتنازل، لكن الدغمي أراد أن يسمع تلك التعهدات شخصياً من الطراونة فذهب القطاطشة الى الطراونة وحثه على الإلتقاء بالدغمي وتقديم تعهدات بالوقوف الى جانبه في الانتخابات المقبلة.
الطراونة الذي خَبِر المعارك النيابية وتقلباتها لم يراهن على الأصوات التي حصل عليها في الجولة الأولى وحسابات أصوات السرور (اين ستذهب؟) ووافق على اسماع الدغمي ما يبتغيه "اكرمتني وسنكرمك بالمرة المقبلة، وساقف وكتلتي والوسط ومن اميل عليهم معك في الانتخابات المقبلة".
هنا تنازل الدغمي للطراونة بالجولة الثانية وتبادلا القبل وسط جمهرة من النواب الذين أخذوا بالتصفيق والترحيب، ليعتلي بذلك المجلس السابع عشر في دورته الأولى رئيساً جديداً لم يستلم الموقع من قبل.
الدغمي اعلن قراره رسمياً في كلمة له امام مجلس النواب قاطعاً بذلك حصول جولة ثانية، بل دعا الى مساندة ودعم الرئيس الجديد ، وهنا الطراونة الذي تسلم رسمياً رئاسة الجلسة لم يكتفي بالحديث الدائر أمام عدد من النواب وتعهده للدغمي بل قالها في كلمة الشكر عقب اعتلائه سدة الرئاسة.
وذهب ابعد من ذلك وهو يقول عن الدغمي " طوقني بفضل وملتزم له بأني ساكون مخلصا له في الدورات القادمة " وهو السطر الذي كان خارج النص المكتوب والذي اشتمل فقط على مدح "الزميل والمنافس والحليف" في توصيفه للدغمي.
ولا يخفِ نواب من مؤازري الطراونة والدغمي أن هنالك اجتماعات ولقاءات مستمرة كانت تعقد كل اسبوع بين الفريقين والتنسيق كان مستمراً بينهما كان آخره الجمعة ، ووصل الأمر إلى حد الإستقرار على رأي أن يقف نواب أي طرف مع الآخر إن كان المنافس لأي منهما في الجولة الثانية هو السرور.
نواب اعتبروا أن الهدف من دعم الطراونة تجديد الوجوه وكسر مخطط ادارة معركة الانتخابات من قبل مفاتيح معروفة تحت قبة البرلمان، كما أن عدداً من النواب انتقد اختيار رئيس من خارج الكتل والائتلافات البرلمانية واللجوء الى مستقلين وسط الحديث الملكي عن تعزيز مفهوم العمل الكتلوي من اجل الوصول الى الحكومات البرلمانية.
ولفت نواب في حديث لـ عمون إلى أن نواب الائتلاف (و، و) كانوا واثقين من الفوز بسبب التجمع الصلب لإئتلافهم الذي يضم كتلتي (وسط وطن) والذي يشترك فيه نحو (35) نائباً مثلت قاعدة أساسية لدعم الطراونة للرئاسة.
بعد انتخابات الرئاسة وبحسب وصف نواب فإن كتلاً محسوبة على أطراف برلمانية عمدت الى "سحب الزخم" من عملية الانتخابات بأن انتجت مكتباً دائماً من نواب للرئيس ومساعدين قد تواجههم صعوبات في ادارة المجلس، وهو الأمر الذي ستكشفه قابل الايام ومدى موائمة تلك الخيارات مع التركيبة الصعبة للمجلس والعدد الكبير الذي يضمه البرلمان.
أكثر المتضررين من معركة الرئاسة كان النائب سعد هايل السرور الذي حسّ بالخذلان والصدمة بسبب عدد المصوتين له من ناحية، وشعوره بأن جهده خلال العام الماضي لم يثمر باعادة انتخابه مرة ثانية من ناحية أخرى.
السرور الذي راهن على انجازاته و"الكريزما" الخاصة به لم تسعفه في الانتخابات الحالية ، بل أخذ عليه زملاء له عدم تحركة بقوة وتواصله مع النواب من اجل التحضير للانتخابات.
لكن كلمة السرور التي القاها عقب فوز الطراونة أكدت على "ركازة" شخصيته وحكمته، حيث تعهد بأن الانتخابات لن تؤثر على عمله البرلماني من اجل خدمة الوطن مُذكّراً بانتخابات سابقة لم يحالفه الحظ فيها لكن ظل ينجز خلالها، كما أنه شارك زملاءه في الانتخابات على المكتب الدائم .