بأيدينا نحّول الخير إلى مشكلة
03-11-2013 03:11 AM
لقد باتا لكثيرمنا غيرآبهين البتة بالواجب الأخلاقي تجاه الشارع والحي والمدينة ،فقد أصبح مشهد السطوعلى أي شارع رئيس أوفرعي ليوم أوأيام أ و أسابيع لبناء عمارة تجارية أوسكنية أصبح مشهدا معتادا،فأكوام الرمل وكميات الإسمنت و قضبان الحديد تغلق الطريق، والأنكى أن عمليات الحفر والتنقيب تخرج الحصى والحجارة الى أطراف الشارع ، و لا أحد منهم يهتم بتنظيف المنطقة بعدانتهاء العمل، فيجرفها سيل المياه الى المناطق المنحدرة وتتسبب بتعطل الشوارع وخرابها ، ويضطر شرطي سير شريف الى محاولة فتح المناهل وهي ليست وظيفته .
يوم الجمعة كانت المملكة على موعد مع أمطار الخير التي هطلت في معظم مناطق المملكة بشكل متفاوت ، ولكن هطولها المعتاد في العاصمة عمان كشف عن المشاكل السنوية التي تواجه المواطنين وطواقم الإنقاذ ، حيث واجهت مجاري تصريف المياه انسدادات ، وغرقت شوارع تحت برك المياه ، وامتلأت بعض الأنفاق بالمياه الجارية و تصريف المجاري ، والكلام عن هذه المعضلة بات سنويا ، ومملا جدا ، في ظل معالجات سطحية لا ترقى الى البحث عن السبب الأصلي ، وهو الخطأ البشري الذي يرتكب طوال العام من قبل أصحاب البيوت والعمارات التجارية الجديدة وشركات الإسكان .
لهذا نرى أن المناطق المفتوحة والبعيدة عن المنحدرات وحتى القرى التي لا يوجد فيها شبكات تصريف للمياه ، لا تواجه الكثير من هذه المشاكل ، فالأساس أن الماء يعرف طريقه على الأرض من خلال تعاريجها نحو أوديتها ، أما في المدينة المفروشة بالشوارع الأسفلتية والأرصفة الحجرية فهي تؤدي الى غرق الشوارع في ساعة وبعض ساعات ، ومن هنا تبرز مشكلة الرقابة المسبقة .
الرقابة على الورشات والبنايات التي باتت تنهض بشكل عشوائي في المدن والعاصمة ليس عليها أي رقيب ، وأحد الأشخاص المتنفذين أغلق شارعا تجاريا لأشهر من أجل بناء عمارته ، ومثله كثير من المتعهدين الذين يحفرون أجزاءا من الشارع ولا يقومون بأدنى واجب لإعادة الوضع كما هو عليه ، فكيف لا يتشوه وجه المدينة وهناك معاول تحفر لمصلحتها ولا تقوم بواجب التصليح على الأقل .
القضية الأخرى ما يقوم به المتعهدون الفرعيون الذين تحال عليهم عطاءات الخلطات الإسفلتية والتصليحات ، فهم يقومون بأعمالهم بأقل التكاليف ، وما يدرّ عليهم أرباح أكثر ، ألا ترون أن غالبية شوارع المدن الداخلية إمتلأت بالمطبات الإسفلتية ، والتي أعتقد إن تكلفتها قد تعبد شارعا آخر ،، لذلك نرى عمليات غش تتكشف مع أول شتوة ، وهذا واضح تماما خلال يوم واحد لهطول لم يتجاوز ساعة واحدة من ساعات كرم الله تعالى .
شوارعنا مختلفة وباتت لا تتسع للمزيد من المستخدمين ، فالأزمات المرورية واستخدام الطرق الداخلية من قبل الشاحنات التي تحدد حمولاتها المحورية على أساس طرق خاصة باتت تشكل عبئا ثقيلا على الشوارع ، ما يزيد في تكلفة إصلاحها وتراجع سنوات الخدمة المرجوة منها ، وكل ذلك يشكل أعباءا جديدة على موازنات قد تنفق على ما يحتاجه الناس من خدمات أخرى كالصحة والتعليم .. لهذا فإن من واجب أمانة عمان والبلديات ووزارة الأشغال إتباع عمليات رقابة أكثر حزما مع حرم الشوارع ، والمعتدين على المجاري الجانبية أيضا .
السيولة المائية تماما مثل السيولة السياسية ، فالمعتدون على الشارع السياسي يعطلون حركة التقدم ، ويعيقون حركة الإصلاح ، ولا يعبأون بمصالح الآخرين ولا التكلفة العالية على الدولة ، ووضع المطبات قد تتسبب في حوادث لا يمكن حسابها ، فلنعمل بإخلاص لمواجهة شتاءا قد تتدفق فيه السيول من مختلف أشكالها بشكل غير محسوب ، ولتعمل طواقم الحكومة على التجهيز والسهر لفتح كافة مجاري التنفس المائي ، كي لا تلعب السدود الصغيرة معيقا لحياة الناس ومكلفة جدا للحكومة ومؤسسات الدولة .
(الرأي)