أهمية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في المملكة
د. عادل محمد القطاونة
03-11-2013 01:39 AM
لطالما تردد الحديث في العديد من المؤتمرات والندوات واللقاءات عن الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وبين من يعلم ويدرك أهمية هذه الشراكة ومن لا يعلم ولا يدرك أهمية هذه الشراكة يتساءل البعض الآخر عن حقيقة هذه الشراكة؟
يرى الكثيرون أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص غير مفعلة بالشكل الذي يخدم الاقتصاد الأردني المنهك من تبعات الأحداث السياسية والاقتصادية في المنطقة ، كما يرى البعض الآخر أن هذه الشراكة غير موجودة أصلا بإستثناء بعض الحالات القليلة التي تحكمها المصالح الشخصية التي عادت بالفائدة على البعض ودون أن يكون لها أثر حقيقي على الوطن والمواطن !
بين من يعلم ومن لا يعلم عن هذه الشراكة يطرح التساؤل التالي: كم هو حجم القرارات التي تمت بالتوافق ما بين القطاع العام والقطاع الخاص ؟ كم عدد القوانين التي ساهم كل من القطاع العام والقطاع الخاص في صياغتها ؟ وما هو مقدار مساهمة رجال الأعمال وأصحاب المصالح الخاصة وأصحاب الرأي الإستثماري والإقتصادي في رسم السياسات الاقتصادية وصنع القرار الاقتصادي لما فيه مصلحة الوطن والمواطن؟ في مقابل ذلك يتساءل البعض كم هو عدد الوزراء الذين كان لهم دور في رسم سياسات الحكومة عبر السنوات السابقة وكانوا من أصحاب البنوك أو شركات التأمين أو شركات الأدوية أو شركات الاتصالات أو غيرها من كبرى الشركات العاملة في القطاع الخاص ؟ وهل خدم البعض منهم مصالحه الشخصية تحت شعار الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام ودون الإلتفات إلى أن هذه الشراكة يجب أن تسهم في إعطاء القيمة المضافة المناسبة للوطن والمواطن ؟ وهل ساهمت المشاريع التنموية والإستثمارية والشركات الإنتاجية عبر السنوات وتحت مظلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في زيادة دخل الوطن والمواطن ؟ أم أنها ساهمت في زيادة دخل مواطن ما على حساب الوطن والمواطن !
إن دور قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ينصب في تفعيل دور القطاع الخاص في رسم السياسات الإقتصادية في الدولة وفقاً لمصلحة الوطن والمواطن كما أن هذه الشراكة تقتضي إيجاد مشاريع اقتصادية تكفل الحكومة أرباحها عن طريق الإلتزام بشراء منتجاتها أو خدماتها عبر أسعار تفضيلية وفي كافة المجالات ومن ذلك مشاريع الطاقة والنقل والمياه والصحة والتعليم والبنى التحتية وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مشروعاً لنقل الركاب بين عمان والزرقاء عبر وجود شبكة قطارات ذات جودة عالية سيسهم في تخفيف العبء على المواطنين ويسهم في تعزيز مفهوم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وعلى سبيل المثال فإن مدينة لندن وعبر شراكتها حققت العام المنصرم أكثر من 1.17 مليار رحلة ركاب عبر 270 محطة كما وبلغت الإيرادات من شبكة القطارات لوحدها 2.18 مليار جنيه استرليني أي أكثر من نصف الدخل السنوي للنقل في العاصمة البريطانية (فاينانشال تايمز- لندن).
إن تعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص له إنعكاسات إيجابية على الاقتصاد الأردني ويسهم بشكل كبير في تخفيض عجز الموازنة والذي بات يشكل كابوساً للحكومة إضطرت على أثره إلى فرض بعض الضرائب على بعض السلع والخدمات مؤخراً ، كما أن هذه الشراكة ستسهم في إيجاد فرص عمل للمواطنين الأردنيين وبما ينعكس على تخفيض مستويات الفقر والبطالة في المملكة ويسهم في إيجاد بعض الحلول للمشكلة الإقتصادية الإجتماعية.
إن من الأهمية أن يحكم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص تشريع يكفل تحقيق الرقابة والتنظيم والضبط بين الطرفين بما يحقق مفهوم الشراكة الحقيقي في تخفيف العبء على القطاع العام وتخفيض متطلبات التمويل والمساهمة في خدمة الاقتصاد الوطني وتنشيط السوق المحلي كما أن إشراك البلديات في رسم هذه الشراكات يعتبر من الأهمية من أجل عكس إيجابيات هذه الشراكة على كافة مناطق المملكة وليمارس القطاع العام دوره كمراقب ومنظم للمشاريع التنموية والإنتاجية في المملكة.