على وقع الصدى تولد عوالم لا متناهية في قلوبنا ... من ذلك الشيء المتوهج تنبع آفاق التردي والضياع، أتلو صمتي بنوبة شعوري في الاشياء بصورة مختلفة فأجد نفسي خارجا عن النص … متطرفا في أقصى ركن من هذه المدينة الملتهبة بالشبق والنزق واللاوعي للتلاشي .

هو المجهول ما يشغلنا ، هوالبعيد ما يأخذنا ... هو ذلك السؤال الذي ينجب ملايّن الأسئلة ولا نملك الإجابة ... كم هي الاسئلة التي تمخر عباب رؤوسنا ولا أحد يقول للمليحة حضورك مغيب ومغيبك حضور !
الجميع ينتظر عبور المسافة الى اللاوراء .. والمسافة لا تنتظر الاعبورنا واجتيازنا حدود ما نبصر من مشاهد الترجّي والانزواء في دهاليز مغلقة تكسرنا في كل صباح تهبط فيها أرواحنا الى القلق المستشري بوجود لا أحد هنا ... بل الجميع هناك
يحيا ليعرف الحكاية قبل ان تبدأ.. حكاية ألف امرأة داخل سجون الأحتلال وألف امرأة داخل سجون العادات والتقاليد .. لهن أنحني بكل الرايات المرفرفة الى الاسفل ...أشق ليلي بكلمات لن تصل حد مسامع بائع متجول أو حتى ماسح أحذية لا يعنيه من هذه الارض سوى قليل من الخبز وثمن سجائر تجعله يدور حيث يدور في اللامبالاة نحو عالم تسكنه الأوجاع والأطماع .

تحدوني رغبة عارمة أن أبكي هذا العالم ... أن أبكي طفل ولد في مخيم وطفلة فقدت اهلها ورجل ينتظر مرورأيامه بفارغ القرف .. وامرأة لوعت قلوب من حولها في شبابها ثم أزرى بها الدهر ، فقاست وعانت الوحدة والفراغ في كبرها ، نار تتأجج فيما نتذكر ونارتذوي في نهاية العمر.

لا مقدس هنا .. لا شيء فوق المحسوس .. لا مثالي هنا .. الصباحات متشابهة الى حد ان الأنسان لا يذهب إلى أي مكان كل ما هنالك أنه يدور حول نفسه دورة الأرض معلّقة في سماء لن ترضى عنا ما دمنا ننسى وجود الاخرين من حولنا .. عاجز أرمم ما تبقي في قلبي من حب أصنعه على مهَل من تسرب الوهن في حروف كتبت لبني البشر متأرجحة بين الحاء والباء أول السطر بدن بلاروح وآخر النص روح بلا بدن.


من فينا يحيا ليعرف غدا ومن فينا يعرف ليحيا هنا ... الجميع جسور لا غاية من وجود يصنع منا دمى متحركة يلهو بنا .. يحركنا .. يرفعنا .. يسحقنا .. يكسرنا .. يهزمنا .. يتلو على عجزنا آيات الصمت ويشيّعنا الى المغيب ، حيث نفقد مالم نملكه ويملكنا شعور من صار بعداد الموتى .

كم ليل سيلتهمنا وكم صدر لم نبكي عليه ؟؟ وكم من طائر غادر عشه ولم يعرف طريق العودة ... وكم من مدينة لم تزرنا .. وكم من ارض نضيع فيها حتى لم نجد جناح بعوضة يقلنا الى عُرض السماء .. ؟؟
ايتها السماء جميعنا في الانتظار يسند رأسه نحو المجهول !