... يا الهي ما اوسع المسافة بين الذكاء والتذاكي; بين اولئك الذين يسهرون ليلاً على تشكيل العالم واولئك الذين ينهضون صباحاً ليعيثون فيه حُمقاً!أعني هؤلاء الذين تلعثمت خطاهم امام ابواب العلم والذكاء فاختاروا أن يدخلوا كتاب "غينيس" من باب آخر.. باب الهزل والمهارات التي لا تفيد أحداً!
في رام الله وفي عز الحصار, وجوع الناس, اختار البعض إعداد أكبر طبق تبولة في العالم وحشدوا له مزرعة بقدونس ضخمة وآلاف الليترات من زيت الزيتون!
وقبل يومين جاء رجل عربي على شاشة الفضائيات وهو يلهث: لقد صعد درج عمارة بمئة طابق على ساقيه المنهكتين رغم انه كان بامكانه أن يفعل ذلك بكبسة خفيفة على ازرار المصعد!
وقبله رجل اوروبي تزلج على البطيخ, واضعاً نصفي بطيخة في قدميه, في حين سال لعاب الجوعى على "حذاء التزلج" المبتكر!
طبعاً يترافق تقديم هذه الحماقات مع وجود مندوبين عن كتاب "غينيس" العالمي لتوثيق الانجازات, من قبيل أطول شارب.. أكبر حبة فجل يفخر صاحبها بأنه كان يسهر على سقايتها كل يوم, أكبر حبة بوظة, الى آخر ذلك من محاولات خرقاء للتميز والاختلاف والظهور في الصحف بأي ثمن!
ورغم أن كتاب "غينيس" المعروف عالمياً بأنه سجل للتفرد وما يحققه أي مواطن من انجاز غير مسبوق, الا أن هذا الكتاب شهد في السنوات الأخيرة اسفافاً وتراجعاً في الحالات التي يرصدها, رغم أنه ليس من المعقول أن يتزامل أول رجل قاد مركبة فضائية مع مواطنه الذي التهم طبقاً ضخماً من المعكرونة!
بصراحة أنا لا أصدق أن هؤلاء الحمقى يدرجون في نفس الكتاب, وأظن أن لهم ملحقاً خاصاً, كتلك الملاحق الخفيفة التي تصدرها الصحف الرزينة, تحفظ فيه اسماء الذين يقترفون سذاجات غير لائقة ويقدمونها كانجازات قومية!
ثمة خلط, ومراوغة, واحتيال يمارسه هؤلاء الذين يعرفون تماماً أنهم ذاهبون في طريق لا علاقة له حتماً بالذكاء..., فما الذي يحتاجه رجل من ذكاء أو عقل لأن يبقى مرتدياً جواربه ذاتها لسنتين مثلاً? هل على كتاب "غينيس" أن يفتح له أبوابه مرحباً رغم الرائحة النتنة ?!