هوية الإنسان بين الإسلام والمسيحية
د.محمد غزيوات الخوالدة
02-11-2013 02:40 AM
لقد أستهوتني الكتابة في هذا الموضوع هو النقاش القائم بين علماء الإنسان والأديان حول هوية الإنسان , ومن اين يستمد هذه الهوية, وهل تتأثر هوية الإنسان بالعوامل الدينية والاجتماعية المحيطة بة , حيث اجمع العلماء ومنهم العالم توماس جونز Thomas Jones)) على ان العوامل الدينية والاجتماعية لها تأثير واضح في تكوين القاموس الشخصي والمفاهيمى لللانسان وان الإنسان هو صنيعة البيئة الدينية والاجتماعية فهو يتأثر و يؤثر بها وسنلقى الضوء فى هذه المقال حول هوية الإنسان بين الإسلام والمسيحية .
هنالك إجماع بين الديانتان الإسلام والمسيحية في تصورهما لجوهر هوية الإنسان (The Essence Of The Human Being ), حيث تجمع الديانتان بان هوية الإنسان مستمدة من معين الوحي الإلهي وذلك بخلاف استدلالات العلوم الوضعية والعلوم الاجتماعية Social science التي تميل إلى اعتبار تصور هوية الله في الأديان مستمدا من تصور هوية الإنسان . فعلم اللاهوت أو الكلام من منطق هذه العلوم مبني على علم الإنسان Anthropology أو الإناسه فيما علم الإنسان هذا مع كل ما يشتمل عليه من مضامين فكريه وما يتفرغ منه من استنتاجات علميه مبني في التصورين المسيحي والإسلامي على العلوم الإلهية التي تدور بأسرها حول محور الوحي .
ولا يكتفي الإسلام و المسيحية بهذا القدر من الإجماع في شأن الإنسان . فكلاهما يقرأن بأن حقيقة الإنسان القصوى التي أفضت إليها العلوم الانسانيه والوضعية قد رسمها الله منذ مستهل الخليقة . فأذا كانت هذه العلوم تؤكد تأكيد اليقين العلمي إن الإنسان هو أرحب من إن تحيط به مقاربات الوصف والتحليل والتعليل وانه على الدوام أعلى تطلبا و أبعد هدفا من كل ما يمكن ان يأتي به الواقع فلأن الله قد سواه على مثل ذا المثال من الخلق. فلذالك فأن مخلوقيه الإنسان تصبح الأساس المشترك لكل تصور مسيحي او إسلامي للإنسان . بيد أن مفهوم الخلق المشترك لا يلغي نشوء التباينات الفرعية في صدد روحية الخلق وكيفيته واهدافة. وفي مستوى هذه التفرعات يتمايز الإسلام والمسيحية تمايزا بينا يكسبهما طابع الاختلاف والفرادة .
فالمسيحية في توسعاتها اللاهوتية تعتقد ان الخلق انبثاق من جوهر الله منشؤه فيض الحب في كيان الله , فيما الإسلام يرى الخلق في صورة التكوين الخارج عن كيان الله والحاصل بمحض مشيئته القديرة فالإنسان المنبثق من جوهر الحب الإلهي في المسيحية والإنسان المكون بمشيئة الله في الإسلام يأتلفان كلاهما في ارتباطهما بالله وينفردان كل على حدة في تعين وجه هذا الارتباط فالارتباط المسيحي هو ارتباط الفرع بالمصدر والجزء بالكل وذلك في غير إقرار بوحدة الوجود الحلوليه بينما الإدراك الإسلامي لهذا الارتباط هو تبيان علاقة الصانع بصنيعته واحترام الخالق لمخلوقه وتكريمه له.
ويشتد التباين أيضا حين ينظر في الديانتين إلى مغزى الخلق وغايته . فعلى الرغم من توافقهما على اعتبار أن أولى مراتب الغايات في الخلق إسعاد الإنسان باستخلافه على الأرض وتكليفه إدارة شؤونها الزمنية , فأنهما يختلفان بعض الشى على ضرورة اقتصار سمو الدعوة الدينية على مجرد الامانه في انجاز هذا الاستخلاف آذ أن إدارة شؤون الدنيا لا تستنفذ طاقات الدعوة الإنجيلية . غير أن اختلافهما لا يلبث أن يتعاظم حين يهدفان إلى تعيين غايات الخلق الأخرى .
فالإسلام يبني تصوره على حاجة الإنسان إلى الاسترشاد بهدى المشيئة الالهيه المتمثلة بالطريق القويم بالقران الكريم والسنة النبوية الشريفة .والمسيحية تبني تصورها على حاجه الإنسان إلى إكمال كيانه بالحصول على الخلاص المتمثل بشخص السيد المسيح وبين الخلاص والهدى ترتسم خطوط التماس والفصل بين الانثروبولوجيا الإسلامية , والانثروبولوجيا المسيحية.