تقسيم المسجد الأقصى .. إفك مبين
د. سحر المجالي
02-11-2013 02:22 AM
في خضم لملمة جراحنا معشر العرب، وأثناء حلمنا في إمكانية الحل السلمي للصراع على الأرض الفلسطينية، صحونا على أنباء المخطط الإسرائيلي الهادف إلى بناء الآف من الوحدات السكنية الإستيطانية في الضفة الغربية، خاصة في القدس الشريف .
بالإضافة إلى قرارات الحاكم العسكري الإسرائيلي المتوالية بهدم عشرات المنازل في الأراضي العربية المحتلة وتحديداً في القدس، بهدف تهويد هذه المدينة العربية المقدسة والي تشكل ذروة سنام الصراع العربي- الإسرائيلي.
لقد إعتبر زعماء الحركة الصهيونية مدينة القدس منذ مؤتمر بازل عام 1897، محور البناء العقائدي الصهيوني، وأساس الإستراتيجية السياسية للحركة الصهيونية.
وفي كافة مراحل التطبيق العملي لهذه الإستراتيجية، التي بدأت بالتبشير والدعوة، وإنتهت بإعلان قيام دولة إسرائيل في فلسطين في 14 أيار 1948 ، كان الهدف المعلن والمستر لإسرائيل هو السيطرة على القدس. حيث إستطاعت في عدوان حزيران 1967 إعلانها العاصمة الموحدة والأبدية لدولة إسرائيل.
لقد سعت الجماعات اليهودية والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية، منذ ذلك التاريخ ، بوضع التصورات والخطط من اجل هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حيث وضعت الإستراتيجيات العملية،المدروسة والمتدرجة، من اجل تنفيذها، بهدف إزالة هذين المعلمين الإسلاميين الهامين والمؤثرين في واقع وقابل أيام الصراع العربي – الإسرائيلي.
ولأجل الوصول إلى أهدافها التوسعية، قامت السلطات الإسرائيلية منذ البداية بإجراءات من شأنها تهويد مدينة القدس ، كالحفريات تحت المسجد الأقصى وجواره، خصوصا من الناحيتين الغربية والجنوبية، مبررة ذلك بمحاولة البحث عن بقايا أثار الهيكل المزعوم ، الذي تدعي إسرائيل بان سيدنا سليمان عليه السلام بناه في موقع المسجد الأقصى، كما ورد في «التوراة والتلمود» حسب زعمهم.
هذه المزاعم لم تجد لها نصيرا أو مؤيدا من قبل المؤرخين و الباحثين، سواء أكانوا عربا أو مسلمين أو مستشرقين، ولا حتى من قبل الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم، والأخير يمثل ذاكرة الإنسانية والمصدر الفريد لجميع القصص والروايات التي ارتبطت بحياة الأنبياء وسيرهم .
وهدف إسرائيل من هذه الحفريات هو هدم المسجد الأقصى المبارك، وإنشاء هيكلهم داخل محيط الحرم القدسي الحالي، والذي قامت السلطات الإسرائيلية بتصميمه على شكل يشبه الهيكل المزعوم. ومن أجل ذلك تواصلت المحاولات المتكررة لهدم المسجد الأقصى المبارك من خلال الحفريات المستمرة، والتي أصبحت تمثل خطراً يهدد المسجد الأقصى. حيث تسببت هذه الحفريات في إحداث العديد من التشققات والتصدعات في جدرانه، وأخذت تتساقط في بعض جوانبها نتيجة لمنع إسرائيل إعادة بناء بعض ردهات المسجد الأقصى أو القيام بأي عمل ترميمي أو إجراء صيانة له. كما أن إستعمال السلطات الإسرائيلية للحوامض والمواد الكيميائية التي تذيب الصخور إلا جزاء من المخططات الإسرائيلية الرامية إلى هدم المسجد الأقصى.
لقد أوهنت هذه الأعمال القواعد الأساسية للمسجد وجعلته عرضة للأخطار.
لقد إستمرت المحاولات الإسرائيلية في تدمير هذا المعلم العقائدي والإسلامي منذ احتلاله عام 1967، وكانت البداية على يد المتطرف الصهيوني «دينيس مايكل» الذي قام بإحراقه عام 1969، حيث أتى هذا العمل العدائي على منبر صلاح الدين التاريخي، والذي أعيد بناءه عام 2007 بأمر من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وذلك بعد ثمانية وثلاثين عاما من العدوان على هذا المسجد، والذي يعتبر من أكثر الجرائم إيلاماً للشرف والكرامة العربية بعد استباحة الغرب واحتلالهم لحاضرة الأمة العربية بغداد.
واليوم نشهد تصعيدا أخر في العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، والمتمثل بتسارع عمليات الحفر والترميم في الطرف الغربي للمسجد ومن ساحة البراق تحديداً، وبعملية كبيرة شملت إزالة أبنية عربية وإسلامية- تراثية. يتزامن ذلك مع السياسة الإسرائيلية التهويدية الجديدة للقدس والضفة الغربية والقاضية بهدم الأف المنازل و تشريد ألاف العائلات العربية المقدسية، بالإضافة إلى بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية للمستعمرين اليهود في الضفة الغربية، هذا بالإضافة إلى تسريب «إفك» تقسيم المسجد بين الملسمين والعرب، تواجه الأمة اليوم كل ذلك التحدي، دون أن نسمع عن وقفة عربية أو أسلامية مسؤولة، تجاه هذا العدوان الذي يستهدف عقيدة الأمة، بل، وبكل أسف، نسمع ونشاهد احترابا عربياً- عربياً ، وقتال الأخ لأخيه، والعدو مستمر في تحديه لهذه الأمة ووجودها.
(الرأي)