مناسف المعارضة واستقالات الموالاة
عمر كلاب
01-11-2013 02:13 AM
في الوقت الذي ينشد فيه الملك تطوير البيئة السياسية للمجتمع الأردني وصولا الى تكوين أحزاب برامجية ذات مرجعية يسارية أو وسطية او يمينية، يتقدم اعضاء حزب سياسي باستقالاتهم من الحزب على خلفية دخولهم مجلس الأعيان الجديد وكأن عضوية الغرفة البرلمانية الثانية تتناقض والانتماء الحزبي بحسب دلالات الاستقالة .
بالمقابل او على الجهة الثانية من الاحزاب الوسطية او ما تُعرف بالاحزاب الوطنية , يُقيم ناشط معارض وليمة على شرف السفير الامريكي تحضرها فعاليات نيابية وسياسية وقبل ذلك انتج الناشط ظاهرة ادانها المجتمع الاردني قوامها الاعتصام امام منازل المسؤولين الاردنيين , في رسالة لا تخلو من تشويش , وقبلها كشفت وثائق ويكليكس عن لقاءات لأحزاب المعارضة بخاصة الاسلاميين مع السفارة الامريكية واركانها .
اطراف العملية السياسية الاردنية بكل تلاوينها تعاني الآن من ضعف او عقم في استشراف المستقبل عبر الإمساك على تلابيب اللحظة الاردنية وقراءة السياق التاريخي والدرامي للمعارضة الاردنية او رجالات الحكومة وباقي الأجهزة التنفيذية , التي كانت تختلف وتتصارع ضمن قواعد العمل الوطني والمصلحة الاردنية ولم نسمع ان استقوى معارض بسفارة او أنكر وزير او عين انتماءه السياسي بل ان حكومة بمجملها تشكلت من حزب سياسي منتصف خمسينيات القرن الماضي دون ان يستشعر الأردنيون الحرج أو الغضب من انتماء رجالالتها لحزب سياسي .
عندما تختار الارادة الملكية اعيانا من مختلف المشارف السياسية فلأنها تستهدف اثراء الغرفة البرلمانية الثانية وانضاج حالتها السياسية بوصفها تعبيرا ديمقراطيا وليس مجلسا شرفيا او اكسسواريا , فهو شريك في التشريع والرقابة والمحاسبة دون منح الثقة للحكومة , ووجود الحزبيين يمنح المجلس صورة تمثيلية اكثر اشراقا من صورة نمطية كانت تنظر الى الأعيان كثلاجة يُحفظ بها رجالات الدولة .
ليس جديدا عمق الاستشراف الملكي للحالة السياسية وضرورة تطويرها بتدرج وهدوء , وتعميق البيئة الحاضنة للتغيير والإصلاح , ومن هذه الخطوات إشراك اعيان من خارج العلبة التقليدية , وقبلها تقديم اوراق ملكية للنقاش المجتمعي بمختلف ألوانه واطيافه في سابقة لم تُقدم عليها الاحزاب او باقي المكونات السياسية .
ثمة فرصة سياسية تنتظر من يلتقطها في المجتمع الاردني وكشفت تفاصيلها دراسة او استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الاخير , مفادها ان الاردنيين بحاجة لقوى سياسية منتجة وليس الى خُطباء او محررو بيانات فقط , بدليل ان الاقتصاد وأوجاعه تصدران سلم اهتمامات الاردنيين , والاقتصاد ابن للسياسة وليس العكس , لكن الاقتصاد السياسي بحاجة لبرامج وادوات لتنفيذ الافكار وهذا ما يعوز الاحزاب الاردنية , التي تحاكي كل التجارب نظريا دون محاكاة واقع معاشي واحد .
فرصة ولادة حزب برامجي او ائتلاف سياسي برامجي ممكنة جدا شريطة تقديم بدائل موضوعية ورسم افق قابل للتحقيق وليس الاكتفاء بإدانة الواقع فقط , وهناك عقول اردنية كثيرة لديها بدائل في مختلف المجالات ولكنها تنتظر حاضنة سياسية لتأطير افكارها في برنامج وطني شامل يحمله حزب سياسي حقيقي .
(الدستور)