انتخابات تؤسس لحكومة برلمانية
جميل النمري
01-11-2013 02:03 AM
وفقاً لِمَنْ نقل على لسان رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، فإن الملك يريد بقوة رؤية نشوء حكومة برلمانية؛ وأن الرئيس، على ما قال، جاهز منذ الغد لعمل حكومة برلمانية كاملة، إذا كان النواب جاهزين لذلك.
سوف أفترض أن الحديث ليس فيه أي هدف شخصي خاص بالرئيس، بل هو رسالة تريد التأكيد على الالتزام بهدف الحكومة البرلمانية إذا كان النواب قادرين عليها؛ فهل البرلمان مؤهل لذلك في دورته المقبلة؟
خلال اليومين الماضيين، وفي حمأة الحراك الكتلوي بشأن انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم، كنت أقول إن نجاح الكتل في إنجاز انتخابات بطريقة جيدة عمادها الكتل النيابية والائتلافات، هو "بروفة" تأهيل لإدارة مشروع الحكومة البرلمانية.
بالنسبة للانتخابات النيابية، جرت الأمور حتى الآن بصورة معقولة. ولكن بدأنا نشهد تأخرا ومراوحة، وملامح استعصاء، في إنجاز ما يتوجب إنجازه؛ وهو ائتلاف واسع حول الرئاسة والمكتب الدائم وبرنامج العمل.
الخريطة الآن هي كالتالي: تشكلت ثلاثة ائتلافات نيابية، كل منها مكون من كتلتين، ولدى كل منها مرشحون نجحت في تصفيتهم عبر انسحابات طوعية إلى مرشح واحد لكل منها. عاطف الطراونة مرشح ائتلاف كتلتي وطن والوسط الإسلامي، وسعد هايل السرور مرشح كتلتي التوافق الوطني وكتلة الاتحاد الوطني، وعساف الشوبكي مرشح كتلتي التجمع الديمقراطي والنهضة، هذا إلى جانب نصار القيسي مرشح كتلة الإصلاح منفردة، وعبدالكريم الدغمي مرشحا مستقلا. وهناك كتلة العمل الوطني التي لم تقدم أي مرشح، ولم تتجه لأي ائتلاف.
ائتلاف التجمع الديمقراطي والنهضة قرر أنه يرغب في التوجه إلى ائتلاف موسع. وقد فتح اتصالات مع الائتلاف الداعم للسرور والائتلاف الداعم للطراونة. ومن الواضح أنه لا يتمترس عند مرشحه، ويريد التفاهم على رزمة كاملة تشمل الرئيس والمكتب الدائم والبرنامج. وهو في الواقع يتلقى عروضا متشابهة من الائتلافين المقابلين، وسيكون في موقف صعب ودقيق لحسم أمره. ولعل نشوء ائتلاف واسع من أربع كتل قد يغير الحسابات لدى كتلة الإصلاح، فتنضم للائتلاف، مما يحسم المعركة سلفا.
لكن تحت هذا المشهد المتشكل وفق التقسيمات أعلاه، هناك الميول غير المعلنة داخل كل كتلة، والتي ستعمل ما تستطيع لإعاقة القرار إذا كان سيتجه لغير ما ترغب فيه.
ثم هناك طموحات كل شخص داخل كل كتلة، وليس معروفا لأي درجة سيمكن تطويعها، وكم سيُظهر الطامحون من غيرية واستعداد للتنازل لمصلحة التوافق داخل الكتلة الواحدة، ثم الائتلاف الأضيق، ثم الائتلاف الأوسع. وعلى ما رأيت، فإن الأمر شديد التعقيد، ويطغى التخفي والمجاملة إزاء طموحات ونوايا متضاربة، تعيق أو تشل القرار.
إذا نجحت الكتل والائتلافات في إنجاز التوافق، فقد ينتهي الأمر إلى عدد أقل من المرشحين، وإلى ائتلافات واضحة؛ ربما اثنين فقط.
وقد يعزز ذلك روح الالتزام. وستكون النتيجة ممتازة إذا توافق عدد الأصوات للمرشح مع عدد أعضاء الكتل الداعمة له، وسيشكل ذلك فوزا للعمل المؤسسي الكتلوي والائتلافي، ويشكل مقدمة لمأسسة العمل السياسي، وبالتأكيد الحكومة البرلمانية.
(الغد)