facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




وكذلك سوّلت لي نفسي ..


عمر كلاب
30-10-2013 02:57 PM

هذه جملة قالها السامري بعد ان أغوى بني اسرائيل بعبادة العجل كما وثقّها القران الكريم “ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي “ , ولكنها جملة مستمرة في الكثير من المجتمعات والاوطان , خاصة تلك التي تدخل في صراعات دينكوشيتة وتفترض حروبا وهمية مع عدو مصنوع في الخيال او من تمر اهل مكة , فثمة مجتمعات تبحث عن عدو او عن صدام فإن لم تجد انتجته او صنعته كما صنع اهل مكة اصنامهم من تمر ثم اكلوها لحظة جوع.

اهل مكة كانوا يمتلكون رفاه وفرصة اكل اصنامهم , وبعد التَغيّر الجذري الذي اصاب المجتمعات ونشاط ورعاية مقاومة الفيروس الصَنمي من الغرب والداخل بات من الصعب اكله او تهشيمه , فمن المعروف ان الفيروسات تقوم بتحصين ذاتها او جيلها التالي من الدواء وبالتالي يتطور الدواء كما يتطور الفيروس وكثير من الفيروسات هربت من المختبرات واصبحت سلاحا فتاكا في المجتمعات , فالمجتمعات العربية او مجتمعات الفقر والبطالة وإنعدام التنمية خلقت فيروس التفرقة ورعته وانتجت مضادات حيوية ضد اي مفهوم لتعميق المواطنة وازالة حواجز وهوامش الشك والريبة بين المكونات الوطنية.

فباتت المجتمعات منقسمة على ملل ونحل اثنية وطائفية وديمغرافية وباقي اشكال التفرقة والانقسام , ومنح الربيع العربي او ما يُسمى بالربيع العربي الفيروسات حقنة اضافية من المناعة ضد المفاهيم الحداثية والعصرية للمواطنة , فزاد الشرخ وتبدّى بأقبح اشكاله في الكثير من المجتمعات العربية التي تعاني اليوم من فيروسات خلناها انتهت مثل جراثيم امراض الكوليرا والطاعون وشلل الاطفال , وصارت عناوين المجتمعات العربية مثل عناوين ما قبل الدولة الواحدة , ملل ونحل وفرَق , والكل يتحدث بوصفه الفرقة الناجية.

الربيع العربي المطلوب كان ربيعا يُزهر ديمقراطية وحقوق انسان ومواطنة وان يسعى الربيع الى مزيد من تمكين المواطن العربي ديمقراطيا , وحدث العكس او النقيض فباتت مجتمعات خاضت وحل الربيع تترحم على الانظمة الراحلة , ونجح اليمين المُحافظ في باقي الدول من الاستفادة من الربيع العربي لصالحه , ونمت طبقة شعبية تؤيد اليمين المحافظ بوصفه حارس الامن والاستقرار رغم انها اكثر المتضررين من هذا اليمين وشاركت في الميادين والشوارع للتخلص منه , قبل انقلاب الحال وتبدل الاحوال.

للاسف لا احد يقرأ التاريخ الذي يُعلمنا ان بناء الدولة، وحتى هدمها، مسألة مليئة بالدماء والضحايا والخسائر التى يسعى العقلاء لمنعها أو التقليل منها , لذلك التقط دارسو العلوم السياسية اهمية للتأكيد على وجود دولة القانون التى تحمى المواطن من نفسه ومن نظيره المواطن ومن السلطة، ورجعوا بتحليلهم إلى توماس هوبز الذى أسقط أى افتراض حول خيرية الإنسان وإنما أعلنها بوضوح أن البشر يولدون أشرارا , وما يمنعهم عن ذلك أن يتوقعوا عقابا شديدا على مخالفتهم لسلطان الدولة ذات السيادة.

وحتى لا نكررنفس قصة كل المجتمعات التى يظل أهلها يتصارعون ويتقاتلون وحتى لا نستمر في مسلسل الوعي بأثر رجعي وصولا الى حالة اللامنتصر واللامهزوم والقول, لماذا كل هذه الخسائر وهدر الفُرص ؟ علينا ان نسعى الى دعم دولة المؤسسات والقانون واعلاء قيمة المواطنة النقيضة للمحاصصة والغاء اجترار المظلومية كلما رحل رجل من موقع او جاء رجل الى موقع.

فنحن نسير وراء شهوات انفسنا بشكل غرائزي مقيت ونسعى الى خلق حالة صدام كما كان يسعى اهل مكة الى صناعة صنم , وحتى لا ننتهي بعبارة السامري الشهيرة “ وكذلك سولت لى نفسى “.

"الدستور"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :