ابتكر اخوتنا المصاروة تعبيرا: «في المشمش» للدلالة على استحالة العودة الى الحالة الماضية او بمعنى: راحت عليك. وهو تعبير مأخوذ من احدى نوادر جحا، حيث تشارك جحا مع رجل في بيع المشمش، وكان شريكه اثناء عرض البضاعة يأكل من المشمش حبة وراء حبة، وجحا ساكت على مضض، في اليوم التالي تشاركوا في بيع العنب، فصار جحا يأكل من العنب المعروض قطفا قطفا، فغضب شريكه وقال له:
لكن يا جحا، لماذا لا تأكل العنب حبة وراء حبة، وليس قطفا وراء قطف؟
فقال له جحا: هذا كان أيام المشمش!!
نحن لا نتفاءل ولا نتشاءم، لكن ابسط اطلاع على الواقع العربي - اذا صح تعبير الواقع - يجعل هذا الواقع يمد لسانه لكل المتفائلين ويقول لهم: في المشمش!!
القمم العربية تتحول الى مجرد «عزومة» تدعو لها احدى العشائر وتتدافع العشائر الاخرى الى مضارب العشيرة العازمة بحثا عن الماء والكلأ.. وبعد ثلاثة ايام وثلث -وقت الضيافة العربي- يعودون الى أهاليهم ويتحدثون عن مكارم المعازيم.
اللقاءات الثنائية تتحول الى مجرد خبر في وكالات الأنباء الرسمية يقول بأن الزعيمين التقيا وتباحثا في الأمور المطروحة وكانت وجهات نظرهما متطابقة ، وبعدها بأسبوع أو اقل، يبدأ الردح المزدوج بين الدولتين الشقيقتين.
وهكذا تحولنا من شعوب تصنع الفعل الى شعوب تعيش على ردود الفعل، ثم تخسر حتى القدرة على رد الفعل.