تضع كل دولة عادة لنفسها شعاراًً وطنيا خاصا national symbol تتخذه لنفسها رمزاً وعنوانا ، وذلك باختيار وتصميم شكلاً بصريا أو سمعيا أو أيقونياً يمثل شعب الدولة ، وقيمه التي يعتز بها ، وأهدافه التي يسعى إلى تحقيقها ، أو يمثل تاريخ الدولة بما فيه من أحداث ، وما مر فيه من عهود . وترفع هذه الشعارات والرموز في الاحتفالات الوطنية ، وفي المحافل الدولية ، فقد جرى وضعها لتشمل وتمثل كل أبناء الوطن من شتى الأعراق والأصول والأديان دون استثناء .ومن أشكال الرموز الوطنية علم الدولة ، والنشيد الوطني national anthem وشعار أو رمز الدولة أو الأسرة المالكة - إن كان نظام الحكم ملكيا، والألوان الوطنية ، كما يمكن أن تشمل الرموز الوطنية شعار الدولة الوطني national emblem ، وأي أشياء خاصة من نبات أو حيوان وأمور أخرى ترتبط بالدولة .
ويعود اختيار ووضع الشعارات إلى القرن الثاني عشر في أوروبا ، حيث كان دعت الحاجة إلى تمييز الجند والأتباع المتحاربين ، فاتخذ كل نبيل أو سيد شعارا أو رمزا يعرفه الناس ، ويعرّفهم به وبممتلكاته ومقتنياته ، كاللباس والدروع والقصور ، وامتد الأمر للأسر المالكة والحاكمة ، وأخيرا إلى الإمارات والدول . ولكل دولة الآن شعارها الخاص ، وقد يرسم على علمها الرسمي ، وتحمله وثائقها الهامة كجوازات السفر وبطاقات الشخصية ، ويطبع على أعلى الأوراق والمغلفات الرسمية ، وتنقش به الأختام التي تصادق على صحة التواقيع والوثائق والمستندات الرسمية .
ولبعض الدول شخصية تتربط بذكرها ، ومنها شخصية جون بول الرجل الإنجليزي البدين أحمر الخدين ، رمز الشعب الإنجليزي ، وورد هذه الشخصية في كتاب نشر عام 1712 ، أما أشهر الشخصيات فهو العم سام رمز الولايات المتحدة وحكومتها ، ويقال : إن أمين مستودعات ما كان اسمه الأول سامويل في بداية عهد الدولة كان يدمغ كل مواد العهدة بالحرفين US رمزا لملكية المواد لحكومة الولايات المتحدة ، وفسرها من حوله كنوع من الدعابة بأنها ترمز إليه ، وقيل : إن شخصية " أبو خليل " ترمز للمواطن اللبناني ، و" المصري أفندي " للمواطن المصري .
للحيوان دور كبير على الدوام في حياة الشعوب ، من مأكل وملبس ومواصلات ، ولأسباب لا داع لذكرها تعيش حيوانات بعينها في مناطق محددة من العالم ، فاتخذت بعض الدول من حيوانات كهذه رموزا أو بعضا من رموزها الوطنية ومن ذلك الكنغر في أستراليا ، والباندا الضخم في الصين وطائر الكيوي في نيوزيلاندا ، كما اتخذ الكثير من الدول من الطيور الجارحة كالنسور والصقور والعقبان شعارات لها لما تتميز به من قوة وما ترمز له من سمو ورفعة ، واتخذ البعض الآخر من الأسد رمزا وطنيا رغم عدم وجود الأسود أصلا فيها ومن ذلك السويد وهولندا ، في حين فضل البعض اتخاذ حيوان اسطوري هو التنين رمزا لها كالصين ومقاطعة ويلز ( المملكة المتحدة ) ومن الطريف أن فرنسا اتخذت من الديك رمزا لها .
ويشبه النبات الحيوان في أهميته للإنسان ، ولكل منطقة من العالم نباتها الذي يتلاءم والظروف البيئية ، وقد اتخذت بعض الدول من نبات معين رمزا لها ، ومن ذلك الزنبق المائي في فرنسا ، ونبات النفل ( يشبه البرسيم ) في إيرلندا ، والهابسكس ( نبات مزهر يشبه الكركديه) في ماليزيا . بل واتخذت بعض الدول من الأشجار شعارا لها ، وأفضل مثال ذلك شجرة الأرز في لبنان ، وشجر الليمون في سلوفينيا ، وشجرة سيبا ( شجرة شوكية ذات أوراق عريضة ) في الأرجنتين وغواتيمالا .
كما اتخذت بعض الدول رموزها الوطنية من مواد مختلفة ، ومنها دولاب المغزل في الهند ، وما يشبه رقعة شطرنج في كرواتيا ، والقيثارة في ايرلندا. ومن الرموز الأخرى النجمة الخماسية الأمريكية ، وشمس أيار في الأرجنتين ، وين يانغ ( دائرة ينصفها خط منحني تشير لفلسفة ما ) في كوريا الجنوبية .
بقي أن أقول : إن عدم احترام الرموز الوطنية يمثل إهانة للمواطن والوطن ، قد تنشب بسببها أزمات دولية ، لكن مما لا شك فيه أن الرمز الوطني هنا هو العلم والنشيد الوطني والشعار الرسمي ، وليس نبتة معينة ، أو صورة طائر ما ، أو حتى صنفا من صنوف الطعام .
وللحديث بقية عن الشعار و السلام الملكي و العلم الأردني إن شاء الله.
هاني العزيزي
haniazizi@yahoo.com