جاء البلاغ التفصيلي لموازنة 2014 الذي أصدره رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور مجموعة من الأهداف والمرتكزات ذات القيمة العالية. مما يشكل برنامج عمل مالياً واقتصادياً لسنة كاملة ، وإذا تم التقيد به وتنفيذه فإن الاقتصاد الأردني سيكون في أفضل حال.
الأهداف والمرتكزات التي جاءت في البلاغ ليست جديدة ولا مفاجئة ، فقد سمعناها كلها تقريباً من الحكومات السابقة ، فهل يكون الجديد هذه المرة هو حسن التطبيق حتى لا تبقى الأهداف مجرد شعارات وتمنيات؟.
تريد الحكومة اسـتعادة التوازن المالي ، والحفاظ على الاستقرار النقدي ، وتحسين كفاءة الإنفاق العام ، وترشيد الإنفاق الجاري ، واحتواء عجز الموازنة العامة ، وإبقاء الدين العام عند المستويات الآمنة ، وتحقيق نمو حقيقي قابل للاستمرار ، فمن يريد من الموازنة العامة لسنة 2014 أن تحقق أكثر من هذا.
أما مرتكزات الموازنة كما ذكرها البلاغ فهي: تعميم مكاسب التنمية بما يخدم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة ، والاعتماد بشكل أكبر على الموارد الذاتية والاعتماد على النفس ، وتحسين كفاءة التحصيل ، ومحاربة التهرب الضريبي ، والاستعمال الامثل للمنحة الخليجية ، واستكمال منظومة الشريعات اللازمة لجـذب الاستثمارات ، وتحقيق معـدلات نمو جيدة ، وزيادة الدخل ، وخلق فرص عمل...
هذه السياسات والإجراءات والأهداف رائعة ، وإذا كانت حكومتنا تريد أن تحقق كل هذا فإننا لن نكون بحاجة لإرشادات صندوق النقد الدولي ، بل على العكس فإن مندوبي الصندوق يجب أن يدرسوا التجربة الاقتصادية الأردنية لتعميمها على الدول النامية التي تنشد النمو والارتقاء والشفافية والعدالة الاجتماعية ، وعدم السماح للعجز المالي أن يتفاقم ، وللمديونية أن تتجاوز الخطوط الحمراء.
من المهم في هذا المجال أن تقدم محتويات بلاغ الرئيس إلى الرأي العام والجهاز الإداري بشكل موسع ، وأن يتحول التخطيط الرسمي إلى تنفيذ فعلي ، وأن تحاسب الحكومة نفسها ويحاسبها النواب والرأي العام على ضوء تحقيق هذه الاهداف والسياسات التي لم تفرض على الحكومة بل فرضتها هي على نفسها ، على أن يقاس أداؤها بالمدى الذي تذهب إليه في مجال التطبيق وتحقيق النتائج المقصودة.
وزارة المالية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تطبيق السياسـة المالية ، ولكن الوزارات والدوائر والمؤسسات العامة لها دور أساسي لأنها أداة تنفيذ.
(الرأي)