الثقافة هوية الأمة ومستقبلها .. بقلم المهندسة يارا عويس
29-10-2013 03:29 AM
الثقافة هوية الأمة، وهي أسلوب حياة المجتمع، تعريفات كثيرة ومتعددة يضعها المثقفون لهذا المصطلح الذي يظنون خطأ أنه حكر على فئة دون أخرى، ألا وهي فئة الكتّاب والأدباء والفنانيين ، وأنَّ مَنْ ليس منهم ليس مثقفا .
والتعريف الذي ارتأيت أن أحدده للثقافة إنما هو الأدق، والأشمل كما أرى، والذي يكافىء الكثيرين بإعطائهم هوية هذه التسمية ويكسر قواعد حصر الثقافة على فئة معينة من المجتمع.
فإذا ما نظرنا الى مجموع العادات والقيم والتقاليد وكل ما هو متوارث بصورة جمعية يؤدي الى الوعي العام بأي كان من مضامير الحياة فإننا نقف عند مثقفي الحياة بجزئياتها . فمن قال إن التاجر غير مثقف؟ ومن قال أن الطاهي غير مثقف؟ ومن قال إن (معلم البلاط) غير مثقف؟ وعلى غرار هذا الكثير من الحرفيين وأبناء المجتمع في مختلف المضامير .. ولأن كلاً له ثقافته الممتدة عبر معطيات بيئته التي أنتجتها ظروف الحياة والموروث، هنا تتداخل في الأمر تجارب المجتمع وخبراته والعلاقات المحيطة، والتي كلما ازداد فيها عبء المسؤولية المجتمعية زادت فيها متطلبات الوعي والإدراك، ومن هنا نفهم أن الكاتب أو الأديب طالما هو واجهة مجتمعه والأقدر على التأثر والتأثير فقد فاز بلقب المثقف فضلاً عن ذلك التاجر الذي إذا ما جرب الكاتب أن يقف مكانه وعلى الأغلب سيحقق الفشل.
ولكل ثقافة تَمايُز عن غيرها؛ لذا نجد خصوصية وانفرادا لدى كل ثقافة بما يلائم امتداد غرضها المجتمعي ، واذا ما جمعنا بين تلك الثقافات كمجتمع متنوع حصلنا على مجتمع ناضج يشكل بمضمونه ثروة .
وهنا لابد أن نؤكد على أهمية تعاطي ثقافة الآخر باحترام وتقدير لحرفته ووعيه ونضج تجربته، واذا ما حصلنا على احترام حقيقي فعلي لثقافة غيرنا فإننا نفوز بثقافتنا ومجتمعنا أيما فوز، ونؤثر في العالم أيما تأثير.
وهنا أستطيع أن أوجز أحد أهم العثرات التي حدّت من قدرة الفكر العربي على ايجاد حلول لكثير من المعضلات والتي إذا تابعها الفرد عبر شاشات التلفزة ووسائل الإعلام كان محايدا ، ولو جعل العربي لنفسه دقائق يعكس ما يشكله من مراسه الثقافي على محيطه لزادت قيمتنا الحضارية بين الأمم وسرنا على ما كنّا عليه في السابق.
نحن في مرحلة حرجة عربياً والعصر بعولمته يفرض علينا كثيراً من التساؤلات عما سيأتي ، ونترك كل هذا وذاك وننقب عن سوء ثقافة غيرنا لا عن محصلة ثقافة نفيد منها ونستفيد، والحلول في متناول أيدينا قبل أن تشكل المرحلة القادمة أزمة مرتبطة بالزمان القادم ، وأبرز ما أردت الإشارة إليه هو الوعي و تفهّم الآخر وثقافته وقبول الحوار وحرية الفكر التي لا تقل أهمية بمجملها عن الشهادات والعلم والتعليم.
وهنا أستذكر ما قلته لإحدى الصديقات عندما شكت لي من عقدة التعليم وقلت لها أنت من قرأت البشر فأجدت ولا تلزمك الكتب.
ولكنني أغالط نفسي في زمن التحديات فهل لا تلزمنا الكتب، إنها جاءت في نقاش ذي خصوصية الظرف وليست تأكيداً على تهميش الكتب جانباً ، وخاصة أن التحديات تكبر يوما بعد يوم والعالم تحوّل كله إلى جهاز صغير بحجم كفة اليد تستطيع أن تتجول فيه وأنت جالس في بيتك.
هنا يأتي دورنا الفردي في التمييز فيما بين كل ما هو متاح من ثقافات فنردع ثقافة السوء ونجلب ثقافة الخير والتقدم والنهضة وأن نسعى للوعي والعلم المتاحين اللذين هما الدربان الأكيدان لازدهار الأمة وتطورها؛ لأن المعرفة لا تتاح إلا بهما وهما أسلحتنا الممكنة والفاعلة في زمن التردي العربي القاهر .