كيف يواجه النسور المعارضة تحت القبة؟
فهد الخيطان
29-10-2013 03:20 AM
مع قرب انعقاد الدورة الثانية (إنما العادية الأولى) لمجلس الأمة، فإن أكثر الأسئلة إلحاحا هو شكل العلاقة بين مجلس النواب والحكومة. رئيس الوزراء، د. عبدالله النسور، يعتقد أن الدورة الثانية من عمر أي مجلس نواب هي الأكثر صعوبة على الحكومات. وكان يأمل في أن يساعد النظام الداخلي الجديد في تنظيم المناقشات تحت القبة، لكن الصيغة التي أقرها النواب لم تعالج هذا البند بالشكل المطلوب، فظلت القبة مسرحا لنقاش مفتوح يستنزف جهد ووقت السلطتين بلا معنى.
لكن، لو أن مشكلة الحكومة مع مجلس النواب تقف عند هذا الحد، لهان الأمر؛ ثمة تعقيدات أكبر في العلاقة، تبدو صورها جلية في توجهات كتل و"لوبيات" نيابية تكنّ العداء للحكومة ورئيسها على وجه التحديد، وتتحضر للانقضاض عليه مبكرا.
يرجع ذلك لأسباب عديدة، من بينها حالة الرأي العام تجاه حكومة توصم بحكومة الجباية، ورفض النسور الاستجابة لطلبات نواب مخالفة للقانون، ووجود تيار نيابي يعادي الرجل منذ اليوم الأول لتسلمه رئاسة الحكومة. ولا شك هنا في أن الشخصي يتداخل مع العام، وقد حدث هذا من قبل مع رؤساء حكومات سابقين.
ومجلس النواب في دورته الثانية هو بالفعل أقوى من ذي قبل؛ أصبح منظما بشكل أفضل بعدما التحق معظم أعضائه بكتل نيابية. فقد ساهمت تعديلات النظام الداخلي بمنح هذه الكتل ميزات خاصة، فيصعب أن ينفرط عقدها بسهولة. وإن كان هذا التشكيل الجديد سيرفع من مستوى التحدي عند النواب، فإنه في الوقت ذاته يسهل على الحكومة مهمة التواصل مع أطر جماعية منظمة، بدل اللهاث خلف أفراد.
نتائج معركة رئاسة النواب سيكون لها تأثير على شكل علاقة النواب مع الحكومة. فهناك من المرشحين من سيُحمّل خسارته للحكومة، وسيُترجَم ذلك بتصعيد سنلحظه بعد الانتخابات مباشرة، يهدف إلى سحب الثقة من الحكومة.
قد لا يُكتب لهذا السيناريو النجاح. لكن ما هو أسوأ منه، بروز ما يمكن وصفه بالتيار المعطِّل؛ بحيث يتشكل "لوبي" نيابي يعمل على شلّ قدرة الحكومة على تمرير مشاريع القوانين، عن طريق تعطيل المناقشات تحت القبة أو في اللجان، إضافة إلى إغراق الحكومة بسيل من الاستجوابات والأسئلة. باختصار: وضعها تحت التهديد المستمر.
مشكلة حكومة النسور هي مشكلة كل الحكومات السابقة، وتتلخص في افتقارها إلى أغلبية منظمة تدعمها تحت القبة. ربما لا تكون المعارضة للحكومة منظمة، لكنها اليوم أفضل حالا من مؤيدي النسور تحت القبة. ولذلك، ليس أمام الحكومة سوى العمل منذ الآن لتشكيل أغلبية واضحة وصريحة تساندها في البرلمان.
تبدو المهمة صعبة بالنظر إلى واقع الحال. لكن، ما المانع من أن تفكر الحكومة، ومع بداية الدورة البرلمانية، في التقدم بخطة عمل للأشهر الستة المقبلة، تحدد فيها ما تنوي القيام به على صعيد التشريعات والسياسات، وتُضمِّن ذلك كشف حساب لأعمالها خلال الفترة المقبلة، ثم تفتح حوارا مع الكتل النيابية للتوافق على برنامج العمل هذا والالتزام به؟
أليست هذه بداية تؤسس لقيام حكومات برلمانية حقيقية، بدل الدخول في معارك جانبية تنتهي في العادة برحيل الحكومة من دون أن تترك أثرا؟
(الغد)