المدهش أردنيا أن "الملل " بمعناه النفسي " من النخب القديمة المتهرية و المتهالكة ، هو العنصر الاول وربما الوحيد لكفهم عن السلطة ... الحديث عن الجيل الجديد و الدم الجديد ، مجرد أوهام أولا و أخيرا.
واضح أن السلطة صارت في ذهن و عقل مجموعات ملعبا لقناصة مغانم من كل العصور و المراحل ، يرتحلون وراء مراكز السلطة ، مع كل طيف و لون يقلبون الوانهم السياسية ، يهرولون لاقتلاع أي جسم سياسي جديد فردي أو جماعي ينافسهم أو يواجههم في معركة أستقرار على كراسي السلطة .
يحملون شعارات جميلة و لطيفة و مهذبة أصلاحية و تعددية و نوعية ، لا تعبر في عمقها الدقيق الا عن مصالحهم ، بعيدة كل البعد عن مصالح و حقوق الطبقات و الشرائح الاجتماعية العامة ، بل أنها محكومة بغرائزية القرب من السلطة و خدمة أستقرارهم بها أيا كانت الشعارات او حاملها .
ظلوا لعقود طويلة يقنصون مراكز السلطة ، يوزعونها لبعضهم البعض ، يكتفون أحيانا على سبل التجديد أدخال أولادهم و أحفادهم الى مراكز السلطة ، كحشوات أضافية تخلد وجودهم النفسي و الروحي في السلطة ، هكذا ينظرون الى معركة التغيير و الاصلاح ، لابد أن تمر من عتبات بيوتهم ، و الا فانها هزيلة ولا تملك شرعية ، و أفقها العام منحدر وواهن ، هكذا يروجون كلما أقتربت الامور الى مفاصلها الحاسمة .
عندما تهب العواصف على الوطن العزيز ، تجد أولئك أصحاب النوايا الحسنة يهربون من السفينة الى شواطيء النجاة ، يهابون التأثر باي ملاحقات للعاصفة ، يخشون على مصالهم المتكرسة في عوالم السلطة و "البزنس " يشقون طريقا عبقريا بالاختفاء عن الحياة العامة ، يتمرضون برحلات للعلاج في الخارج وتحصين قلاع نفوذهم في البلاد بمتاريس لا تهزها العواصف مهما أشتد عمق مداها .
لا يريدون بالبلاد العبور الى أي مستقر سياسي و أقتصادي وأجتماعي ، تركبة معقدة تجمع أمزجتهم و أن أختلفوا أمام الرأي العام و تنازعوا بخلافات يخال متابعها بانها عميقة ورصين و يصعب تبديدها أثارها على الفرقاء ، هولاء المدللون يشعرون دائما بالقلق و الخوف كلما أتسع الاحتمال لتغيير في أدوات اللعبة السياسية في البلاد ... يفكرون أنهم تروس " خالدين " في ماكينة السلطة .
ليس لديهم أقكار أو برامج بالمعنى السياسي ، لديهم أسرار و أخبار وكواليس فقط ، قوة نفوذهم بدورهم بحمل الاسرار ، يعرفون الطريق جيدا الى كراسي السلطة ، و يعرفون أكثر الطريق الى الاستقرار و الخلود بها ، أحترفوا أتقانها .
لا يأخذني الخوض في هذا المفصل الخطير و الحساس في السياسة و السلطة في الاردن للاشارة لشخصية سلطوية بعينها ، بقدر ما هي حالة و ظاهرة ينسحب مردود مفاعليها الى التكوين السلطوي في الدولة الاردنية عبر عصور ومراحل متتالية ، أنتجت ما أنتجت من تراكمت لطبقة نعيش اليوم على منافع نظرياتها في السياسة و السلطة
و أخيرا حمى الله الاردن من كل مكروه وشر