موريتانيا و التي كانت بعيدة من إرهاصات الأزمات التي عصفت و كونت ما عرف بالربيع العربي , تأثرت تأثرا طفيفا من ناحية الحراك السياسي المعارض الذي نزل إلى الشارع مستغلا الأوضاع الدولية و الإقليمية , و ذلك في محاولة مستميته لإشعال الموقف , إلا أن منسقية المعارضة الديمقراطية فشلت بشكل ذريع على حد وصف العديد من الكتاب في تنفيذ اهدافها , و لجأت الى طرائق أخرى كالنقد الدائم و الذي في اغلب الوقت كان سلبيا , و طالت الانتقادات بشكل كبير جدا النظام التعليمي في البلاد في محاولة لاستغلال ملف التعليم كورقة سياسية.
أن هذه الانتقادات لم تكن حديثة عهد , و إنما لها جذور عميقة , فهي قديمة متجددة , و في خضم ما عرف بالربيع العربي تجلت تلك الانتقادات. و ينظر إلى موضوع التعليم و إصلاحه و ماهية تأثره بالربيع العربي في موريتانيا من ناحية رأيين أساسيين الأول أن الحكومة نتيجة الربيع العربي قد أتخذت مجموعة تصرفات و قرارت في مجال التعليم تبعا لما أملته الظروف و لتقديم نوع من الإصلاح لامتصاص الضغط و هي وجهة نظر الفريق المعارض . أما الأي الثاني فهو أن ما أجري من تعديلات و إصلاحات كانت مبرمجة أساسا و هي إحدى التعهدات التي تعهد بها رئيس الجمهورية سلفا و هو رأي الأغلبية الرئاسية.
الرأي الأول و هو الرأي المعارض و الذي دأب على انتقاد النظام في السراء و الضراء , و في الايجابيات و السلبيات , انتهز فرصة الربيع العربي و حاول جاهدا تضخيم الصورة التي يصورها للتعليم و ضعف المناهج سواءا المدرسية أو الجامعية , و ذلك بتسييس التيارات و الحراك الطلابي خصوصا تيار الإسلام السياسي في جامعة نواكشوط و المعهد العالي , و إثارة القلاقل بهدف تغيير المناهج و تحسينها كما يدعي أنصار المعارضة , لكن حقيقة الأمر أنه نوع من الضغط السياسي و الحرب ضد النظام بورقة التعليم.
اما الرأي الثاني و هو الواقعي , لواقع التعليم العام المدرسي و الجامعي بشكل خاص فقد كان على رأس اجندات الحكومة و اهتماماتها , لكن فترة انعقاد المنتديات العامة للتعليم بالجمهورية بعد أبحاث و دراسات طيلة العام المنصرم و التي كانت بمبادرة و إشراف شخصي من الرئيس بداية العام الحالي , أوحت إلى البعض الى أنها نتيجة لإرهاصات ما يعرف بالربيع العربي , الا أن الظاهر و أغلب الظن هو أن التوقيت كان نتيجة للظرفية الفنية التي كانت خاضعة لها هذه المتنتديات و الدراسات.
إن واقع التعليم في موريتانيا حاليا , في حال تحليله فإنه يبقى غير متأثر بالربيع العربي , بأي حال من الأحول , إلا إذا نظر المحلل بطريقة مزدوجة المعايير لتحسب كل النقاط الإيجابية بأنها نتيجة للحراك المعارض و هو ما يسعى الى ترويجه تيار الاسلام السياسي , و هو ما يتنافى مع الواقع .ربما تكون هناك العديد من الإصلاحات التي دخلت على التعليم سواءاً من الناحية المادية او المعنوية او حتى المتعلقة بالمناهج إلا أن قطاع التعليم الحكومي في البلاد يبقى بنفس إلاطار السائد الذي كان عليه دونما تغير في الإطار او المضمون , مع أنه قطاع حساس ينبغي أن تتم العناية به بشكل أكبر , و تتجنب التجارة السياسية به من هذا الحزب أو ذاك ليصل القطاع إلى بر الأمان.