يجدد الملك مرة أخرى خلال حفل تسليم جوائز التميز الحكومي دعمه لإعادة نشر ثقافة التميز في إدارة مؤسسات الدولة، بهدف تلبية متطلبات المواطنين، وتقديم الخدمة الأفضل لهم، والبدء في وقف ترهل القطاع العام وتراجع أدائه.

إنَّ إعطاء الأولوية لإصلاح الإدارة الحكومية يكمن في دوره في تحقيق نهوض اقتصادي وتنمية اجتماعية تلمسها جميع فئات المواطنين، بل يذهب البعض إلى أنَّ الإصلاح الإداري هو المدخل الحقيقي والجاد للإصلاح في الدولة، وهذا ما يضع على الحكومات مسؤولية كبيرة للإسراع بوضع البرامج والخطط والبدء الفوري في تنفيذها على أرض الواقع، وإشراك جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسسة البرلمان ولا ننسى الدور المهم للقضاء.

لقد بينت الدراسات والمؤتمرات المهتمة بإصلاح إدارة الدولة إلى جانب التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال، أنَّ آليات الإصلاح الإداري تستند إلى بناء نظام حوكمة العمليات الإدارية بمنظور إستراتيجي بمختلف مجالات العمل من حيث هياكلها ونظمها الرقابية بغية تعزيز الشفافية والحد من الفساد الإداري والمالي، إضافة إلى العمل على إعادة هيكلية الجهاز الرقابي من خلال إتباع نظام لتقويم الأداء يضع بعين الاعتبار معايير التميز والإتقان في انجاز العمل وبما يحقق الإصلاح ويعمق النزاهة والشفافية. إن شعور جميع العاملين في المؤسسة بالعدالة والإنصاف ينعكس على مستوى الإنجاز والتميز ويمكن تحقيق ذلك من خلال مكافأة الموظف المتميز، ومعاقبة المقصر، وربط الترفيع والدرجات بمستوى العمل والإنجاز .

كما أنَّ الاهتمام المباشر باختيار القيادات الإدارية القادرة على إدارة ميادين العمل من خلال معايير دقيقة تستند إلى الكفاءة والمهنية يساعد على تعزيز التميز والنجاح في العمل، وفي هذا الصدد يرى الكثيرون أن أحد أهم أسباب تراجع كفاءة إدارة القطاع العام في الأردن هو تحول معايير اختيار القيادات الإدارية من معايير تستند إلى التأهيل والكفاءة إلى معايير الاسترضاء وضغوط قيادة المجتمع لتعيين الأقارب والمحاسيب في مواقع إدارية عليا، لذا يفترض أن تكون هناك جهة مستقلة مماثلة لديوان الخدمة المدنية تكون مهمتها النظر في طلبات المتقدمين لشغل الوظائف الإدارية العليا، ووضع المعايير المناسبة لكل وظيفة، الشيء الذي يحفز الجميع على تطوير قدراتهم ومؤهلاتهم العلمية والمهنية.

في دولة كالأردن تقوم فيها التنمية على كاهل الموارد البشرية ليس مقبولاً ولا منطقياً أن تترهل الإدارة في مؤسسات الدولة وتضمحل فيها ثقافة التميز والإنجاز.