اظهرت الاجواء التي رافقت حديث البعض عن موضوع الاسعار الذي استحوذ على اهتمام الشارع الاردني في الاونة الاخيرة ، وجود من يخلط بين صلاحيات السلطة التشريعية وصلاحيات السلطة التنفيذية رغم انها واضحة ومحددة بالدستور . حتى ان هناك من حاول تحميل مجلس النواب مسؤولية رفع اسعار بعض السلع كالخضار والفواكة .
فمن يستعرض وظائف السلطة التشريعية يجد ان مهمة مجلس النواب مهمة تشريعية ورقابية وليست تنفيذية، فعندما يتناول مجلس النواب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع كالاسعار والفقر والمديونية والبطالة وغيرها، فهو لا يستطيع حل هذه المشاكل لأنه لا يملك سلطة تنفيذية، وانما يستطيع احتواءها وتطويقها من خلال متابعة ومراقبة اداء الحكومة وكشف مواطن الخلل في سياساتها وممارساتها التي قادت الى حدوث هذه المشاكل ويقدم لها الآراء والافكار والتوصيات، وفي الوقت نفسه فان مجلس النواب يملك مجموعة من الوسائل والادوات الدستورية التي تدخل ضمن اختصاصه، والتي يستطيع توظيفها على شكل ضوابط ومعايير من أجل ضبط وتوجيه اداء اعمال الحكومة او الضغط عليها بهدف تصحيح ممارساتها كي يضمن مراعاة الاقتراحات والتوصيات والافكار التي يقدمها لها من أجل ايجاد آلية الحل المناسبة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتردية .
فعلى سبيل المثال فان مجلس النواب لا يستطيع حل مشكلة البطالة والقضاء عليها بشكل نهائي، وانما يستطيع احتواءها وامتصاصها من خلال مراقبة ومتابعة اعمال الحكومة وسياساتها المتعلقة بمعالجة هذه الظاهرة وكذلك الحال بالنسبة لموضوع غلاء الاسعار ، فان البرلمان لا يستطيع تخفيض الاسعار ، وانما يستطيع ان يمارس الضغط على الحكومة لتقديم خطط وسياسات من اجل ضبطها .
وبالتالي لا يجوز ان يسأل النواب ماذا فعلتم بموضوع الاسعار مثلا ، ولماذا لم تخفضوها , فالاصح ان يسألوا ماذا فعلتم مع الحكومة بموضوع الاسعار ، او لماذا لا تضغطون على الحكومة لتقديم سياسات وحلول لضبط الاسعار . مثل هذا الطرح الخاطىء عن طبيعة دور النائب هو المسؤول عن اخراج الاداء النيابي عن مساره الفعلي ، لحساب تكريس مفاهيم خاطئة في المنظومة النيابية تسببت في اقحام النائب في امور وقضايا ليست من اختصاصه ، لذلك فانه ومن اجل فهم دور النائب وتقييم ادائه بصور موضوعية، لا بد من اعتماد مهام وصلاحيات السلطة التشريعية معيارا لهذا الفهم وهذا التقييم حتى نتمكن من ازالة أي لبس او غموض في هذا المجال.
(الرأي)