درس الجمعة و غياب الاقصى و الجمهور
عمر كلاب
28-10-2013 03:51 AM
لايحتاج المراقب الى كثير عناء كي يرصد الفرق العددي الكبير بين مهرجان الجماعة لنصرة الاقصى قبل سنتين وبين العدد الذي شارك عصر الجمعة الفائتة ؛ ليقرأ مدى تراجع تأثير الحركة الاخوانية في الشارع الاردني ومقدار الخدر الذي تسلل الى اوصالها التنظيمية وانحسار مريديها وتراجع حضور الشارع الشعبي عن نشاطاتها .
الحركة يمكنها اللجوء الى الخيار الاسهل لتفسير الخدر وانحسار التأثير ، بإلقاء اللائمة على الحكومة واجهزتها والاعلام الذي شيطنها وكتاب الدعسة الفجائية وما تيسر من تنابز بالالقاب وتبادل للاتهامات المعلبة والطازجة ، لكنها لن تستطيع اكمال المسيرة وفقا لسهولة التفسير وتسطيحه اذا لم تلجأ للاسئلة الصعبة والمركبة وتبدأ بالاجابة عليها .
اول الاسئلة المركبة والصعبة هو سؤال الواقع الاردني الذي غادرته الحركة لصالح ما يأتي به الاقليم من متغيرات وما تحمل رياحه من بشائر للحركة بإنتصار شقيقاتها في الدول المجاورة والبعيدة ، وربط حركتها على ايقاع الاقليم وانعطافاته ، دون حساب المفاجأة الاقليمية حتى لو كانت على سبيل الصدفة ، والاخيرة ضرورية للعمل الثوري كما يقول منظروا الثورات في العالم .
فالحركة الاخوانية لا تمانع من لي عنق الواقع الاردني لصالح اجندة التنظيم الدولي الذي اولى جُل اعتنائه بما حدث في مصر من انقلاب ، فأستبدلت الحركة قبة الصخرة بشعار رابعة ، غافلة انه مهما بلغ التعاطف مع مصر وميادينها فلن يكون بأي حال غالبا للعطف والفطرة حيال الاقصى وقدس اقداسه ، وتضاعف الخلل عندما استشعر الحضور على محدوديتهم بالغبن والاستخفاف معا بإنقلاب المهرجان لدعم رابعة وتنفيذ احندة التنظيم الدولي وليس استشعار القلق الاردني حيال تهويد الاقصى ، وبلغ الاستهتار مداه وشعار رابعة على العلم الاردني المحمي ليس بوجدان الاردنيين وسواعدهم فقط بل بالقانون الساري ، فصارت رابعة قضية الامة حسب التصنيف الاخواني .
وفتح الغياب عن اجابة السؤال الاول المدى امام اسئلة مشروعة عن اولية الحركة الاخوانية ومدى ارتباطها بالحالة الاردنية ، وسط ضياع الاجابات او الهروب منها ، رغم بشائر الململة الداخلية التي تبدت على شكل مبادرة حملت اسم زمزم ولكنها بداية شرخ افقي وعامودي في الحركة كشف مهرجان الجمعة عن قوته الارتدادية داخل البيت الاخواني ، الذي دعى بقوة الى المشاركة يوم الجمعة فيما استنكفت قيادات زمزم عن الحشد والدعوة ، ومع ذلك لجأت الحركة الى ما تيسر من تفاسير جاهزة واستكانت الى النص الاسهل تارة بنفي قلة الحضور وتارة بنفي مسؤوليتها عن الشعار على العلم او باستحضار نظرية الاستهداف للحركة .
مستمرة في الهروب من الاجابات على الاسئلة الصعبة والمركبة التي تحتاج الاجابة عليها الى عقلية واعية لطبيعة المتغيرات الجوهرية في المجتمع الحاضن للحركة والذي وفّر لها كل اسباب الاستمرار وسط اقليم كان يحاسب الفرد على طول لحيته وارتفاع الدشداشة عن اخمص القدم .
الحركة الاخوانية عليها ان تعود الى مكاتبها ولجانها وان تترك الشارع كي تعود اليه يإجابات على اسئلة يحتاج كل سؤال فيها الى برنامج منفرد ، عن شكل العلاقة مع التنظيم الدولي اولا وتاليا عن شكل العلاقة مع حركة حماس بوصفها عنوان لقضية متشابكة في الاردن.
لا احد يتمنى غياب الحركة الاخوانية او دخولها في صدام على غرار النموذج الاقليمي ولكن لا احد يقبل ان تبقى تُغرّد منفردة وان تعيش احساس الفرادة بأنها حالة خاصة ، فهذه الخصوصية الغتها الحالة الوطنية التي بدأت تتفاعل مع مكونات جديدة ترى انها اكثر تعبيرا من الحركة الاخوانية رغم بقاء الحركة على رأس قائمة الاحزاب الاكثر تأثيرا .
(الدستور)