طرحت الحكومة منذ عدة أشهر مشروع قانون الاستثمار لعام 2013 أمام الرأي العام وأحالته إلى مجلس الأمة من أجل السير بمراحله الدستورية لإقراره، وقد شهد مشروع القانون نقاشات ومداولات في وسائل الإعلام المختلفة، إلى جانب نقاشات موسعة عقدتها اللجان الاقتصادية والقانونية في مجلس النواب مع العديد من المختصين من القانونيين وخبراء الاستثمار وغيرهم.

مشروع القانون يحتاج لدراسة معمقة من جميع الأطراف المعنية بالعملية الاستثمارية، ويجب أن يؤخذ بوجهات النظر التي يطرحها المختصين والعاملين في الجهات المعنية بالاستثمار على محمل الجد، لأنهم الأقدر على اقتراح تضمين القانون المقترح نصوص من شأنها تحفيز وجذب المستثمرين وتسهيل خطوات العملية الاستثمارية أمامهم، فالأشخاص الذين لديهم تعامل واتصال مباشر مع المستثمرين هم الأقدر على معرفة معوقات الاستثمار وعوامل الجذب في أي قانون أو نظام، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن العليا ومصلحة المستثمر في آن معاً.
من خلال حضوري للعديد من الجلسات والحوارات التي ناقشت مشروع قانون الاستثمار الجديد، بحضور بعض المختصين والمعنيين بالعملية الاستثمارية، توصلت إلى أن هناك العديد من نقاط الخلاف التي يجب التي تأخذ حقها من النقاش والبحث بالسرعة الممكنة، وبحكم تخصصي في مجال القانون وجدت أن صياغة بعض بنود مشروع القانون ليست واضحة المعنى والمغزى بشكل محدد، كما أن هناك أمراً جوهرياً قد يفوت الكثيرين وهو أن ما يناسب جهة أو منطقة استثمارية معينة (جغرافياً) لا يناسب جهةً أخرى، بمعنى أن توحيد الحوافز والمزايا للمستثمرين في عمان مع المستثمرين في مناطق بعيدة عن العاصمة يجب أن يراعي خصوصية كل منطقة من جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وغيرها.

أما فيما يخص المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية (جيدكو) ونشاطاتها، فقد جاء في مشروع القانون نصوص وأحكام تدمج بعض المؤسسات والهيئات تحت مظلة هيئة الاستثمار ومنها، المؤسسة الأردنية (جيدكو)، حيث جاء في البند (6) فقرة (5) دمج الجزء المتعلق بترويج الصادرات وإقامة المعارض التي تتولاها حالياً (جيدكو) ليصبح هذا الجزء تحت إدارة هيئة الاستثمار، وأعتقد أن شمول (جيدكو) تحت مظلة الهيئة بهذا الشكل غير مقبول.

فبينما ستتولى هيئة الاستثمار عملية جذب الاستثمارات والمستثمرين إلى الأردن، تعمل (جيدكو) على حمل المنتجات والصناعات وأرباب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرهم من أجل التواصل مع المستهلكين والتجار في بلدانهم من خلال المشاركة في المعارض والمؤتمرات المتخصصة حول العالم، وتقدم الدعم لغير القادرين منهم لتعزيز صناعاتهم ومنتجاتهم من خلال إيصالهم إلى الأسواق المستهدفة بالنسبة لهم، وهي تقوم بجهود متميزة على الصعيدين الداخلي والخارجي بفضل كوادرها وإدارتها المؤهلة التي أصبحت مرجعية الكثير من الشركات التي تتلمس طريق النجاح والنمو، وما كان لتلك الشركات إلا الدعم والمساندة من (جيدكو) وكوادرها الوطنية المتميزة.

التسرع في دمج بعض المؤسسات والهيئات تحت مظلة هيئة الاستثمار بشكل موسع، قد يسبب إعاقة في حركة ونشاط جهات أخرى، وإذا كان الهدف من الدمج هو تخفيف النفقات، فإن الترهل الإداري والوظيفي الذي يمكن أن يصيب هيئة الاستثمار وكوادرها (مستقبلاً) لا يمكن تفاديه بسهولة، لأننا بحاجة لفترة زمنية ليست بسيطة كي يطبق القانون الجديد بعد إقراره وتستقر الأمور، حتى نعرف بعد ذلك ما هي الحسنات أو السيئات التي يتمتع بها القانون المنتظر.. دعم الناجح أولى من دعم من يبحث عن النجاح و(جيدكو) من أفضل مؤسساتنا الوطنية الناجحة فلندعمها جميعاً.