لماذا المشغّل الرابع في الأردن؟ .. فؤاد علاء الدين
27-10-2013 02:38 PM
يتزايد الجدل مؤخراً حول رخصة المشغل الخلوي الجديدة المطروحة من قبل هيئة تنظيم قطاع الإتصالات التي تعاملت مع هذا العطاء بحرفيه و مهنيه عاليه و ضمن اعلى المستويات الدوليه العالميه ، وانه ليس من المستغرب ان لا تستجيب الشركات العامله في هذا القطاع حاليا و تقدم عروضا الى هذا العطاء وبالتالي استمرار احتكارهذا القطاع عليهم وخاصة بعد اعلانهم في اكثرمن مناسبة عدم نيتهم المشاركة ، وأغلب التحليلات تستند لمعلومة ليست دقيقه وهي أنه لم يقم أحد بدراسة أثر المشغل الرابع على السوق والأثر على أرباح قطاع الاتصالات مما سيؤدي لانخفاض الارباح الناتجه عن التنافس الشديد في القطاع. ولكن هناك أمور كثيره يتم إغفالها للوصول لهذه النتيجة ويتم التعامل مع أرباح قطاع الإتصالات كشركات بشكل منعزل عن أثر الموضوع على الإقتصاد الأردني بشكل كلّي. ويتم تجاهل مصلحه الوطن و المستهلك كجزء مهم من هذه المعادلة.
ان تقدم شركتيين بعروض لهذا العطاء يدل على انهما قامتا بدراسه الجدوى الاقتصاديه لهذا المشروع و خلصوا الى نتيجه ايجابيه والا لما تقدموا برغبتهم بالاستثمار في هذا القطاع.
وان عدم جدوى المشروع للمشغليين الحاليين لا يعني عدم جدواه لمستثمر جديد وان هذه الدراسات التي قامت بها الشركات المتقدمه لهذا العطاء تثبت الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع الرائد والحيوي والهام لبلدنا الغالي .
في السنوات الثلاثة الأخيرة تراجع معدل سرعة الأنترنت على الهواتف النقّالة حسب موقع Speedtest.net العالمي إلى 1.17 ميجا بيت للثانية ، مع أن الرخص التي حصل عليها المشغلين هي رخص 3G+ وهذه التكنولوجيا قادرة على الوصول لأضعاف هذه السرعة، وفعلياً قبل عام واربعه شهور من اليوم كان معدل سرعة الأنترنت يقارب 3 أضعاف سرعتها اليوم هو موضّح في الرسم البياني أدناه Fig.2 ، مما يعني أن هناك طلب شديد وإستهلاك على خدمات الإنترنت ولكن الشركات لم تقم بالإستثمار اللازم والتوسعات المطلوبة لتقدم للمواطنين الخدمة التي يستحقونها، ولعلّ المواطنين خارج عمّان والمدن الرئيسية يشعرون بسوء الخدمة وغياب التغطية في الكثير من المناطق أكثر مما يشعر بها المواطنون في المناطق الأخرى.
نلاحظ ان الاردن تعد من اقل الدول في المنطقه من حيث النفقات الرأسمالية الخاصه بقطاع الاتصالات مقارنه بالايرادات وهذا يثبت الضرورة الملحة للاستثمار في هذا العطاء .
نعود لموضوع الرخصة، فعندما تم طرح العطاء لم يكن من الضروري ان ينتج عنه ولاده مشغّل رابع، بينما كان العطاء لتشغيل تكنولوجيا ال4G او ال LTEوالتي سرعتها تتفوق على التكنولوجيا الموجودة بكثير ويمكنها أن تضيف خدمات كثيرة في سوق الإتصالات مما يشكل مصدراً جديداً للايرادات للشركات والضرائب و الرسوم للحكومة أيضاً. كان يمكن لأي شركة من الشركات العامله حاليا أن تشارك في العطاء لتشغيل هذه التكنولوجيا والرخصة التي كان هدفها تطوير هذا القطاع الهام و تحسين سرعة الأنترنت ومستوى الخدمة في الأردن ، فإن كانت الشركات الموجودة غير مهتمة بهذا فلماذا تقف في وجه منح الرخصة لمستثمرين مستعدين لفعل ذلك؟ هل مستوى ربح هذه الشركات هو الأولوية الأولى حتى لو كان على حساب مصلحة الوطن و مستوى الخدمة وخزينة الدولة!
من الجدول ادناه Fig.3 من الواضح ان هنالك طلب متنامي على خدمه الانترنت و زياده عدد مشتركي الانترنت بشكل كبير مقارنه بالسنوات السابقه ، وخصوصاً أن هناك تزايد غير طبيعي بعدد المشتركين ( مليون ونصف مشترك جديد في عام 2012 ومثلهم في 2013) نتيجة للطلب المتزايد للخدمة وما يحدث في سوريا، وانخفاض السن الذي يبدأ فيه المشتركين استخدام خدمات الإنترنت، فنرى اليوم الأطفال يشاهدون الكثير من الأفلام على اليوتيوب ويقومون بتزيل الكثير من التطبيقات بشكل يومي فكانت النتيجه عدم استيعاب البنيه التحتيه للشركات لهذا الكم الكبيرمن المستخدميين.
حسب دراسات الإتحاد العالمي للإتصالات ITU وضمن إحصائيات متعددة تم إجراءها في أكثر من مئة دولة في العالم فإن مضاعفة سرعة الأنترنت في بلد معيّن يؤدي لزيادة مقدارها 0.3% على الناتج المحلّي الإجمالي، وزيادة نسبة استخدام الأنترنت بنسبة 10% يؤدي لزيادة في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 1%، كما أظهرت الإحصائيات أن زيادة ألف خط إنترنت سريع يؤدي بالمعدل لخلق 80 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. كما أظهر التقرير السنوي المشترك لوزارة تكنولوجيا المعلومات وجمعية إنتاج للشركات العاملة بقطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن صادرات الأردن من قطاع تكنولوجيا المعلومات وصل الى 300 مليون دولار،ولعلّنا نلاحظ الكثير من الشركات التي نشأت بسبب تطور الإنترنت وزيادة سرعته، حيث كان النمو الإقتصادي في الأردن في العام الماضي يقارب ال 3% بينما كان النمو السكاني 2.8% مما يعني أن النمو يهمل لصغره، وهذا يدل أننا بحاجة لخطوات سريعه ومباشره لتطوير الإقتصاد وزيادة الإنتاج وقد تكون رخصة المشغل الرابع هي أحد هذه الخطوات.
الأردن ليس بحاجة فقط لمشغّل رابع يحرك الشركات الموجودة ويحفزّها على الإستثمار من جديد في شبكاتها لتطويرها وتحسينها لتصبح قادرة على المنافسة في السوق وحسب، ولكن الأردن بحاجة لمشغّل أول لتكنولوجيا ال LTE الجيل الرابع التي ستساهم في تطوير الإقتصاد الوطني وتحسّن الخدمات، حيث انه يحتاج لمشغّل يغطي معان كما يغطّي عمّان، فهل تنجح الحكومة في هذا التحدّي؟