إنها الصورة المصغرة والمكررة عن القاص أو الروائي، وهي نسخة واقعية حية للإبداع البشري، بنسخته الفطرية الأولى ، قبل أن يتدخل البيان والبديع والجناس والطباق، وما شابهها من أدوات وإكسسوارات اللغة.
قلت أنها نسخة مكررة، لأن نموذجها يتكرر في كل حارة وربما في كل شلّة أو عائلة ممتدة تشمل الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأبنائهم وبناتهم، ومن لف لفهم، في الضفتين والبرازيل.
هي في الغالب أنثى ، وقد يكون ذكرا في حالات نادرة، ولا تسألوني لماذا ولا كيف . أتحدث، طبعا، عن تلك المرأة التي كرست نفسها، روحا وجسدا ونخاعات، في نشر الأخبار والوقائع والفضائح والإشاعات التي تسمعها أو تخترعها ، بعد أن تمر على مبهرتها الخاصة، فتعطيها نكهة ورونقا ابداعيا ، فلا ينقصها سوى أن تحوّل ما (تنمّ) به الى نص مكتوب بلغة سليمة ،ليصبح نصا قصصيا ناجحا، تتوفر فيه جميع عناصر العمل الأدبي، ناهيك عن التشويق والإثارة والأبصر شو.
صديقتنا النمامة هذه محبوبة من النساء ومكروهة في ذات الوقت، يكرهنها ويخشينها ويرغبن في الجلوس معها والاستماع اليها في كل وقت، على الأقل عند تواجدها فإنهن يعرفن بأنها لا تجيب سيرتهن حاليا بالعاطل في جلسة اخرى.
عليك طبعا ان لا تصدق ثلثي ما تنشره صاحبتنا المذكورة ، لكن عليك أن تستمع لها دائما، لتتزود بذخيرة دفاعية وهجومية في حال تعرض لك أحد ابناء العائلة أو الشلة ، فتشرع في تكرار أقوال الست النقاقة، وتبرئ نفسك من هذه الأقوال بنسبتها الى صاحبتها، وهي لا تمانع في ذلك، بل أنه يضاف الى رصيدها المعنوي وسمعتها (البخورة).
تبدأ حديثها غالبا ب(بالله ما تجيبي سيرة) وتتبعها ب(على ذمة اللي قالوها) ثم تنفض شليلها، وتشرع في (قضب شل الناس) بعد برأت نفسها وشرعت بالغيبة الحلال على قاعدة (ناقل الكفر ليس بكافر).
بصراحة ، بعد أن انتهيت من كتابة الفكرة عجزت عن توظيفها سياسيا، وأترك هذه المهمة لحضراتكم ، لكني اقول لكم لا تجيبوا سيرة، وها أنا «أنفض شليلي» أمامكم.
(الدستور)