تشير المعطيات العامة على الساحة الوطنية، أن وجود هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين، قد ترك انطباعاً حقيقيا لدى المواطن الأردني بأن له آثارا على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ثمة إشارات كبيرة تصدرها الأجهزة المعنية في الدولة إلى أن هذا التواجد قد يكون له آثار سلبية على السلم الاجتماعي والأمن الاقتصادي في الأردن.
من هذه الزاوية القلقة التي تهدد السلم الاجتماعي ومستقبل اللاجئين في الأردن وعلاقتهم بالمجتمع الأردني يجب مراجعة مسألة نزوح الأعداد الكبيرة منهم من مخيم الزعتري، وخصوصا أن الأرقام تقول إن ما نسبته 80 % منهم يعيشون خارج مخيم الزعتري.
وفي هذا السياق تستوجب الضرورة الوطنية إجراء دراسة تسلط الضوء على شكل العلاقة بين اللاجئين والمواطنين الأردنيين، وعلاقة الدولة بكلا الطرفين، وكذلك أثر المساعدات التي تقدم لتأمين الحدود الدنيا للمعيشة التي تضمن عدم تسربهم إلى سوق العمل، ما يؤدي إلى إرباك واحتقان لدى المجتمع الأردني، قد يترك آثارا سلبية على الاستقرار الداخلي، ويزيد من حدة التوتر الاجتماعي التي ازدادت في المجتمع.
ولعل دراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة نزوح السوريين على الاقتصاد الوطني التي قام بها المجلس الأعلى للسكان، تشير بشكل واضح لمخاطر هذا النزوح.
ففيها تقدير الأثر المالي الإجمالي لنزوح اللاجئين السوريين على الاقتصاد الوطني خلال العامين 2011 - 2012 بنحو (590.100.000) دينار أردني وتشكل نحو (3 %) من الناتج الإجمالي للأردن، وأن الكلف الإجمالية تتوزع على مستويين الأول هو القطاعات والثاني المستوى الكلي للاقتصاد وانعكاس ذلك على المديونية والمستوردات إضافة إلى تأثير تواجدهم على سوق العمل.
تقول الدراسة التي أعدت منذ عام أن عدد النازحين السوريين حوالي (220) الف سوري تركز 20 % منهم في المخيمات المعتمدة، في حين أن هناك ما يقرب من 80 % منهم يتوزعون على محافظات ومدن المملكة؛ الأمر الذي شكل ضغطا ديموغرافيا مفاجئا أدى إلى نمو سكاني مفاجئ نسبته 3 % من عدد السكان، وكلفة استضافة اللاجئ الواحد تصل حوالي (2500) دينار سنويا وأن تكلفة اللاجئين خلال العام 2012 بلغت (450) مليون دينار، فيما قدرت الكلفة خلال العام 2011 بحوالي (140) مليون دينار.
موجات النزوح للاجئين السوريين سببت خللا في النمو السكاني وتسببت بضغط على الموارد والبنى التحتية وعدم الاستقرار في الأسعار، والمرافق العامة، خاصة في قطاع التعليم، والنقل، والطاقة، والمياه، وغيرها. حيث قدُّرت كلف القطاع الصناعي نحو (163.9) مليونا أنفقت على التعليم والصحة والطاقة والحماية والأمن والبنية التحتية بحسب الأرقام الواردة.
هذه المخرجات الخطيرة تستدعي مراجعة دقيقة لوجود اللاجئين السوريين في الأردن، وبعيدا عن "الردح العاطفي"، لأسباب هذا الوجود، فثمة العديد من المؤشرات تقول إن جزءا كبيرا منهم أصبح يأتي بحثا عن فرصة عمل، لتحسين شروط معيشته والحجة الهروب من الموت.
(الغد)