الارتفاع الجنوني لأسعار الخضار والفواكه
نزيه القسوس
26-10-2013 02:59 AM
لا يوجد تفسير منطقي ومعقول يفسر لنا سبب هذا الارتفاع الجنوني لأسعار الخضار فنحن لم نسمع أبدا أو نشاهد أن سعر كيلو البندورة يصل إلى دينار ومئتين وخمسين فلسا منذ أن وعينا على هذه الدنيا خصوصا وأن بلدنا بلد منتج لمادة البندورة وبشكل كثيف جدا ولم نسمع أن كيلو الباذنجان قد وصل إلى دينار وكذلك الخيار والبصل.. الخ.
ولم نسمع أن شيئا غير طبيعي قد حدث في بلدنا حتى ترتفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني فأسعار الخضار من المزارعين ما زالت كما هي ومتدنية والمزارعون لم يستفيدوا أبدا من هذا الارتفاع في الأسعار فالخضار تصل إلى السوق المركزي من المزارع بأسعارها العادية جدا لكنها تباع في هذا السوق لتجار المفرق بأسعار عالية وتجار المفرق يرفعون الأسعار أكثر ليحققوا أكبر قدر يستطيعونه من الربح.
هذه المعادلة غير المتوازنة جعلت الأسعار ترتفع بشكل غير مسبوق وجعلت المواطنين يئنون من هذا الارتفاع الجنوني فالقدرة الشرائية لدى معظم المواطنين غير قادرة على التعامل مع هذه الأسعار الجنونية فالموظف الذي لا يتجاوز راتبه الثلاثمائة دينار في الشهر ولديه عائلة لا يستطيع أن يتعامل مع هذا الوضع غير الطبيعي الذي ساد المملكة.
إذن الخلل يحدث في السوق المركزي وفي هذا السوق يعرف كل المسؤولين في القطاعين الزراعي والتسويقي أن هناك بعض السماسرة يتحكمون في الأسعار ويشترون الخضار من المزارعين بأقل الأسعار ويبيعونها لتجار المفرق بأسعار مرتفعة وهذه الظاهرة موجودة منذ سنوات طويلة لكن لا أحد قادر حتى الآن على تفكيكها أو السيطرة عليها.
أما قرار وزير الصناعة والتجارة بتحديد أسعار بعض الخضار فلم تجدي نفعا لأن أي تاجر لم يلتزم بهذا القرار وقد حاولنا أن نسأل أكثر من تاجر عن أسعار الأصناف التي حددها القرار وإذا ما كان هؤلاء التجار ملتزمين بالسعر المحدد فلم نجد تاجرا واحدا يبيع بهذا السعر وها هي الأسواق مفتوحة ويستطيع مفتشو وزارة الصناعة والتجارة أن يتأكدوا بأن ما نقوله صحيح مئة بالمئة.
هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار لم يشهده الأردن منذ سنوات بعيدة وهو إرتفاع غير طبيعي ففي شهر رمضان المبارك لم ترتفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني مع أننا تعودنا على إرتفاعها في هذا الشهر الفضيل بسبب زيادة الطلب عليها وما دامت الأوضاع طبيعية جدا عندنا ولا يوجد أي سبب لهذا الارتفاع فإن معنى ذلك أن ما يحدث في أسواقنا هو أمر مفتعل ويستوجب تدخل الحكومة وبسرعة أما مسألة تحديد أربعة أصناف من الخضار فإن أي تاجر لم يلتزم بهذا التحديد.
الأردن عضو في منظمة التجارة العالمية وهذه العضوية تفرض عليه عدم تحديد الأسعار باستثناء أسعار الأدوية والخبز لذلك فإن أي تحديد لأسعار بعض أصناف الخضار هو مسألة شكلية ولن تؤدي الغرض المطلوب منها.
الارتفاع الجنوني لأسعار الخضار يجب معالجته بالسرعة الممكنة لأن معظم المواطنين غير قادرين على تحمل ذلك.
(الدستور)